لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) (٤٣)
وصف الله تعالى الظالمين يوم القيامة بكونهم مقنعي رؤسهم ، أي رافعين إلى الله يسألونه المغفرة عن جرائمهم ، فإن الإقناع ارتفاع (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) بهتا لتعظيم ما يروا (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ).
(وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ (٤٤) وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ (٤٥) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (٤٦) فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ) (٤٧)
يستدل بهذه الآية على عموم الرحمة ، فإن الخبر الصدق إذا لم يكن حكما لا يدخله النسخ ، وقد ورد بطريق الخبر الوعد والوعيد ، ولما كانت الشريعة نزلت بلسان قوم الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فخاطبهم بحسب ما تواطؤوا عليه فممّا تواطؤوا عليه في حق المنعوت بالكرم والكمال إنفاذ الوعد وإزالة حكم الوعيد ، والوعد يكون في الخير والشر معا ، والإيعاد في الشر خاصة ، وما ورد في الشرع نص في نفاذ الإيعاد وورد في الوعد ، والله أكرم من أن ينسب إليه إنفاذ الوعيد ، بل ينسب إليه المشيئة وترجيح الكرم ، وصف بعض الأعراب مع كونه من أهل الأغراض نفسه على طريق التمدح :
وإني إذا أوعدته أو وعدته |
|
لمخلف إيعادي ومنجز موعدي |