ثم الظاهر (١) أن لفظ البيع ليس له
______________________________________________________
تعريف البيع في كلمات الفقهاء
(١) قد تقدم تعريف البيع عن المصباح المنير ب «مبادلة مال بمال» وكان ظاهر المصنف ارتضاءه وعدم التصرف فيه سوى اعتبار كون المعوّض عينا ، وتردّد قدسسره في صدق «المال» ـ في طرف العوض ـ على عمل الحرّ والحقوق. وعلى هذا فالبيع العرفي هو «مبادلة عين بمال» وهذا المعنى هو موضوع أدلة الإمضاء ، كقوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (١) ، فالبيع الممضى شرعا هو مبادلة عين بمال ، لا غير.
لكن قد ينافي هذا تعريف البيع في كلمات الفقهاء بما يغاير تعريف المصباح ، فعرّفوه تارة بالنقل ، وأخرى بالانتقال ، وثالثة بالإيجاب والقبول ، ورابعة بالتمليك الإنشائي ، مع اختلافهم في القيود المأخوذة فيه. ولمّا كان كلّ منهم بصدد تعريف حقيقة البيع كان اختلافهم فيه كاشفا عن اختلاف حقيقته ، ومن المعلوم أن ذلك يقتضي إجمال مفهوم «البيع» وهو مانع عن التمسك بالآية الشريفة ونحوها من الأدلة الإمضائية ، إذ لم يعلم أن موضوع الحلية هل هو النقل الذي يكون فعل البائع ، أم العقد الذي يكون فعل البائع والمشتري معا ، أم الانتقال الذي هو أثر البيع ، أم غير ذلك؟ ومع إجمال الموضوع لا وجه للتمسّك بالدليل كما هو واضح. وكيف يوجّه استقرار سيرتهم قديما وحديثا على التشبث بالآية الشريفة لإثبات مشروعية البيع وصحته ونفوذه؟
والظاهر أن مقصود المصنف قدسسره من قوله : «ثم الظاهر» دفع هذه الشبهة وتصحيح الرجوع الى الآية ونحوها من أدلّة الإمضاء ، ومحصله : أنّ اختلاف الفقهاء في تعريف البيع ليس لأجل تعدد معانيه العرفية حتى يشكل الأمر من جهة إجمال الموضوع وينسدّ باب التمسك بالأدلة ، بل لأجل أنّ كل واحد من التعاريف ناظر إلى جهة من جهات المعنى العرفي المركوز في الأذهان ، الذي هو موضوع أدلّة الإمضاء.
وعليه فجميع التعاريف تشير الى معنى واحد ، وهو المعنى العرفي الذي فسّره المصباح
__________________
(١) البقرة ، الآية : ٢٧٤.