.................................................................................................
______________________________________________________
في عهدة نفسه وبين سقوطه عنه ، لأنّ الممتنع هو تملك الإنسان لمال على نفسه حدوثا وبقاء ، وأمّا تملّكه له حدوثا فقط ثم سقوط المال عن ذمته فليس بممتنع. فالمقام ـ من حيث التملك آنا ما ثم السقوط ـ نظير أن يكون زيد مديونا لعمرو دينارا ، واشترى عمرو منه متاعا بدينار كلّي في ذمته ، فإنّ الدينارين يسقطان عن كلتا الذمّتين بالتهاتر.
وعليه فلم ينتقض تعريف المصنف ببيع الدين أصلا ، لفرض دخول المبيع الكلّي في ملك المديون آنا ما ، وهذا المقدار كاف في صحة البيع ، ولا يعتبر فيه تأثيره في بقاء المبيع على ملك المشتري.
وأمّا توضيح الوجه الثاني فهو : أنّ إشكال عدم جامعية التعريف لأفراد المعرّف لا يختص بما إذا كان البيع بمعنى التمليك ، بل هو مشترك الورود على تعريفه بالانتقال أو بالنقل أو بالعقد الدال على أحدهما ، إذ لو كانت نتيجة بيع الدين على من هو عليه مجرّد فراغ الذمة لا التملّك كان تعريفه بالنقل والانتقال منتقضا أيضا ببيع الدين ، لفرض عدم انتقال شيء إلى المديون.
وعليه فلا وجه لإيراد هذا المحذور على خصوص تعريف المصنف قدسسره بل اللازم ـ على من عرّفه بالنقل وشبهه ـ التفصّي عن هذا الاشكال ، وتصحيح بيع الدين على المديون على كلّ حال ، سواء أكان البيع هو التمليك ، كما عن فخر المحققين ، حيث قال فيما حكي عنه : «انّ بعت في لغة العرب بمعنى ملّكت غيري» (١) أم هو المبادلة أم النقل ، لأنّ عدم معقولية مالكية الإنسان لما في ذمة نفسه يوجب عدم معقولية البيع ، الذي هو عبارة في العرف واللغة عن المبادلة والنقل والتمليك وما يساويها من الألفاظ.
والحاصل : أنّ استحالة تملك الشخص لما في ذمته يوجب عدم معقولية بيع الدين مطلقا حتى لو عرّفنا البيع بالمبادلة والنقل ، مع أنّ من عرّفه بالانتقال ـ كشيخ الطائفة والعلامة وغيرهما ، أو بالعقد الدال على نقل الملك كما في الشرائع ـ صرّح بجواز بيع الدين ممّن هو عليه ،
__________________
(١) مفتاح الكرامة ، ج ٤ ، ص ١٥٢