.................................................................................................
__________________
ولكن مع ذلك لا نحتاج الى ذكر لفظ الإنشاء ، لأنّ وجه الحاجة إليه ـ وهو إخراج التمليك الشرعي والعرفي الذي ليس تحت قدرة البائع وكون ما بيده هو التمليك الإنشائي ـ يتأدّى بلفظ «التمليك» لأنّه عبارة عن إيجاد الملكية الإنشائية ، فيكون لفظ الإنشاء مستدركا ، إذ مرجع إضافة الإنشاء إلى التمليك إلى «إنشاء إنشاء الملكية».
ولو فرض الحاجة إلى زيادة لفظ الإنشاء بدعوى : عدم دلالة التمليك على الإنشائي لم يحسن جعل الإنشاء جنسا للحد ، إذ ليس ذلك جنسا ، بل سببا للبيع ، فالمناسب ان يقال : البيع هو التمليك الإنشائي.
الثاني : أنه يستلزم انخرام قاعدة توافق المشتق والمشتق منه في المعنى ، لوضوح أنّ «الإنشاء» لم يؤخذ في مفهوم شيء من تصاريف البيع ، فإنّ قوله في مقام الاخبار : «بعت ، أو أبيع ، أو باع زيد ، ويبيع» ونحو ذلك لا يراد به إلّا التمليك ، لا إنشاؤه الذي هو سبب له ، هذا.
ويمكن دفعه : بأنّ المراد بالإنشاء هو التمليك الإنشائي ، في قبال التمليك الخارجي الممضى شرعا أو عرفا ، لا الإنشاء في مقابل الإخبار ، ومن المعلوم سريان التمليك الإنشائي في جميع تصاريف البيع ، فقوله : «بعت» إخبارا يراد به الإخبار عن التمليك الإنشائي ، فلا يلزم انخرام قاعدة لزوم توافق المشتقات للمشتق منه في المعنى ، فتدبّر.
الثالث : ما في حاشية الفقيه المامقاني قدسسره من «أن العوض غير مأخوذ في مفهوم البيع وضعا ، فيصح الإخبار بالبيع عمّن قال : بعت هذه الدار مثلا بدون ذكر العوض. والوجه في ذلك واضح ، فإنّه اسم لما هو أعم من الصحيح والفاسد ، ولذلك تراهم يذكرون مسألة البيع بلا ثمن ، ويختلفون في حكمه ، فلو لم يكن بيعا لم يكن لذلك وجه» (١).
وفيه ما لا يخفى ، لما مرّ في تعريف المصباح للبيع بأنه «مبادلة مال بمال» فالعوض مأخوذ في مفهوم البيع لغة. وأمّا صحة الاخبار بالبيع بدون ذكر العوض فلعدم الحاجة إلى ذكر العوض بعد وضوح دخله في مفهوم البيع لغة وعرفا ، وكون البيع من العقود المعاوضية. وأمّا كون البيع اسما للأعم من الصحيح والفاسد وكون التعريف للأعم فلا كلام في ذلك ، إلّا أنّ
__________________
(١) غاية الآمال ، ص ١٧٤