.................................................................................................
__________________
وقال في الجواهر في جواز إنشاء البيع بلفظ السّلم : «قولان أشبههما العدم ، لأنه مجاز في مطلق البيع ، والعقود اللازمة لا تنعقد بالمجازات كما صرّحوا به» (١). وقال المحقق الثاني : «وإذا قال : بعتك سكناها سنة فقد تجوّز في السّنة ، فإنّ السكنى لا يقع عليها البيع إلّا مجازا» (٢).
والحاصل : أنّ اختصاص البيع عندهم بنقل الأعيان ومجازيّته في نقل المنافع من الواضحات ، ومقصودهم بيان المتفاهم العرفي بما أنّهم من أهل اللسان ، ولذا استند بعضهم إلى التبادر ، وعليه فلا وجه لإشكال بعض الأعاظم على الاستناد إلى كلمات الأصحاب «بأن غرضهم بيان موضوع الأثر شرعا ، مع أنّ الكلام في تحديد المعنى عرفا» وذلك لأنّ الاستشهاد بكلماتهم ناظر إلى كونهم من أهل اللسان ، لا إلى كونهم فقهاء حتى يكونوا بصدد بيان المعنى الشرعي ، بل صرّح بعضهم بأن المعرّف هو المعنى العرفي لكونه المتبادر من اللفظ عند الإطلاق. واحتمال استناده إلى القرائن لا إلى حاقّ اللفظ مندفع بأن الحجة على الوضع عندهم أحد أمرين ، تنصيص الواضع ، وانسباق المعنى الى الذهن عند سماع اللفظ مجرّدا عن القرينة (٣).
وقد تحصّل مما ذكرناه : أن مستند الفقهاء في أخذ العين في البيع هو التبادر عند أهل اللسان ، وليس الغرض تحديد ما هو موضوع الأثر شرعا ، بل تحديد معناه العرفي. هذا ما يتعلق بالقول المشهور.
وأمّا القول الثاني ـ وهو عدم اعتبار عينية المبيع ـ كما اختاره المحقق الايرواني وغيره فيستدلّ له بإطلاق البيع في الاستعمالات الفصيحة على غير نقل الأعيان بلا قرينة ، كما في مثل قوله تعالى (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) (٤). فإنّ المقابلة بين البيع والشراء تقتضي كون المبيع هي الهداية التي ليست من سنخ الأعيان والمنافع التي يبذل بإزائها المال.
__________________
(١) جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٢٤٨.
(٢) جامع المقاصد ، ج ٧ ، ص ٨٣.
(٣) معارج الأصول ، ص ٥٠ للمحقق الحلي.
(٤) البقرة ، الآية : ١٦.