.................................................................................................
__________________
وقوله تعالى (وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (١).
وقوله تعالى (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) (٢) وغير ذلك من الآيات التي أطلق فيها البيع والشراء على غير نقل العين ، على حدّ إطلاقهما عليها في قوله تعالى (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ) (٣).
وتقدمت روايات بيع خدمة العبد المدبّر وسكنى الدار ونحوهما من إطلاق البيع على نقل المنفعة والحق بلا عناية. كما تعارف في هذه الأزمنة إطلاق البيع على نقل بعض الحقوق كالسرقفلية ، وغيرها. ولا ريب في أن كثرة موارد الاستعمال ـ المجرّدة عن قرينة المجاز ـ كاشفة عن أعمية الموضوع له ، أو المتفاهم من اللفظ ، وأنّ البيع بمعنى نقل خصوص العين صنف خاص من طبيعي النقل المستفاد من إطلاقاته في الكتاب والسنة والمحاورات العرفية.
ولعلّه لهذا ذهب المحقق الأصفهاني قدسسره إلى أنّ البيع العرفي بمعنى نقل العين صنف من مفهومه العام ، حيث قال في التسبب إلى حقيقة الإجارة بالإعارة والبيع ما لفظه : «فإنّ أخبار بيع خدمة المدبّر والإطلاقات الشائعة القرآنية وغيرها من دون عناية أصدق شاهد على أنّ مفهوم البيع عرفا غير مقصور على تمليك العين بعوض ، وإن كان البيع المقابل للإجارة المحكوم بأحكام خاصّة صنفا مخصوصا من طبيعي معناه اللغوي والعرفي» (٤).
لكنك خبير بأنّ مجرّد شيوع استعمال البيع في غير نقل الأعيان لا يكشف عن أعمية الموضوع له بعد ما عرفت من تبادر صنف خاص الى الذهن ، وهو من أمارات الوضع. ويؤيّده تصريح مثل المحقق الثاني بمجازية البيع في تمليك المنفعة.
وعليه فالوضع للأعم أو وضعه تارة للصنف واخرى لطبيعي النقل منوط بقيام إحدى
__________________
(١) البقرة ، الآية : ٩٦.
(٢) المائدة ، الآية : ٤٨.
(٣) يوسف ، الآية : ٢٠.
(٤) كتاب الإجارة ، ص ٨.