وقال ابن الخطيب : قولهم : «جميع» يحتمل الكثرة ، والاتّفاق (١) ، ويحتمل أن يكون معناه نحن جميع الناس إشارة إلى أن من آمن لا عبرة به عندهم كقول قوم نوح : (أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) [الشعراء : ١١١] فيكون التنوين فيه عوضا من الإضافة (٢). وأفرد منتصر مراعاة للفظ «جميع» أو يكون مرادهم كل واحد منتصر كقولك : كلّهم عالم أي كل واحد فيكون المعنى أن كل واحد منا غالب ؛ فردّ الله تعالى عليهم بأنهم يهزمون جميعهم (٣).
قوله : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ) العامة على سيهزم مبنيا للمفعول و «الجمع» مرفوع به. وقرىء : ستهزم بتاء الخطاب (٤) ، خطابا للرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ «الجمع» مفعول به. وأبو حيوة في رواية يعقوب : سنهزم بنون (٥) العظمة ، و «الجمع» منصوب أيضا. وابن أبي عبلة : سيهزم بياء الغيبة (٦) مبنيا للفاعل (الجمع) منصوب أي سيهزم الله.
و «يولّون» العامة على الغيبة. وأبو حيوة وأبو عمرو ـ في رواية (٧) ـ وتولّون بتاء الخطاب ، وهي واضحة والدّبر هنا اسم جنس ، وحسن هنا لوقوعه فاصلة بخلاف : (لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ) [الحشر : ١٢].
وقال الزمخشري : أي الأدبار ، كما قال :
٤٦١١ ـ كلوا في بعض بطنكم تصحّوا |
|
.......... (٨) |
وقرىء الأدبار (٩).
قال أبو حيان : وليس مثل بعض بطنكم ؛ لأن الإفراد هنا له محسّن ، ولا محسن لإفراد بطنكم (١٠).
__________________
(١) كأنه قال : نحن كثير متفقون فلنا الانتصار ، ولا يقوم غير هذه اللفظة مقامها من الألفاظ المفردة.
(٢) وأسماه الرازي بقطع الإضافة قال «وعلى هذا جميع يكون التنوين فيه لقطع الإضافة كأنهم قالوا نحن جمع الناس». وانظر الرازي ١٥ / ٦٨.
(٣) بالمعنى من الرازي المرجع السابق.
(٤) في النسختين : بنون العظمة والصحيح ما كتبت أعلى ، وهذه قراءة شاذة ذكرها أبو حيان في البحر ٨ / ١٨٣.
(٥) شاذة أيضا ذكرها أبو حيان في مرجعه السابق وابن خالويه في المختصر ١٤٨.
(٦) البحر المحيط السابق أيضا.
(٧) ولم ترو عنه في المتواتر. وانظر البحر المحيط السابق والقرطبي ١٧ / ١٤٥ ونسبها القرطبي لرويس عن يعقوب.
(٨) سبق أنه صدر بيت لجرير وعجزه :
فإنّ زمانكم زمن خميص
واستشهد به على أن المراد من المفرد ـ وهو البطن ـ الجمع أي البطون.
(٩) ولم يحدد الزمخشري من قرأ بها. وانظر الكشاف ٤ / ٤١٢.
(١٠) البحر ٨ / ١٨٣.