وقوله : «نباته» أي : ما ينبت من ذلك الغيث.
قوله : (كَمَثَلِ غَيْثٍ).
يجوز أن يكون في موضع نصب حالا من الضمير في «لعب» ؛ لأنه بمعنى الوصف ، وأن يكون خبرا لمبتدأ محذوف ، أي : ذلك كمثل (١).
وجوز ابن عطية (٢) : أن يكون في موضع رفع صفة لما تقدم ، ولم يبينه ، وقد بينه مكي ، فقال (٣) : نعت ل «تفاخر». وفيه نظر لتخصيصه له من بين ما تقدم ، وجوز أن يكون خبرا بعد خبر للحياة الدنيا.
وقوله : (ثُمَّ يَهِيجُ) أي : يجفّ بعد خضرته (فَتَراهُ مُصْفَرًّا) أي : متغيرا عما كان عليه من النّضارة (٤).
وقرىء (٥) : «مصفارّا» من «اصفارّ» وهو أبلغ من «اصفرّ».
قوله : (وَفِي الْآخِرَةِ) خبر مقدم ، وما بعده مبتدأ مؤخر ، أخبر بأن في الآخرة عذابا شديدا ، ومغفرة منه ورضوانا ، وهذا معنى حسن ، وهو أنه قابل العذاب بشيئين : بالمغفرة والرضوان ، فهو من باب لن يغلب عسر يسرين (٦).
قال القرطبي (٧) : (وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ) ، أي : للكافر ، والوقف عليه حسن ، ويبتدأ (وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ) أي : للمؤمنين.
وقال الفراء (٨) : (وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ) تقديره : إمّا عذاب شديد ، وإمّا مغفرة ، فلا يوقف على «شديد».
قوله : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ).
وهذا تأكيد لما سبق ، أي : تغرّ الكافر ، فأما المؤمن فإن الدنيا له متاع بلاغ إلى الجنة.
وقيل : العمل للحياة الدنيا متاع الغرور تزهيدا في العمل للدنيا ، وترغيبا للعمل في الآخرة.
وقال سعيد بن جبير : الدّنيا متاع الغرور إذا ألهتك عن طلب الآخرة ، فأما إذا دعتك إلى طلب رضوان الله وطلب الآخرة ، فنعم المتاع ونعم الوسيلة (٩).
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٧٩.
(٢) المحرر الوجيز ٥ / ٢٦٦.
(٣) ينظر : المشكل ٢ / ٧١٩.
(٤) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٦٦.
(٥) ينظر : الكشاف ٤ / ٤٧٩ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٢٣ ، والدر المصون ٦ / ٢٧٩.
(٦) الدر المصون ٦ / ٢٧٩.
(٧) الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١٦٦.
(٨) ينظر : معاني القرآن للفراء ٣ / ١٣٥.
(٩) ينظر : المصدر السابق. وذكره البغوي في «تفسيره (٤ / ٢٩٨).