كالولاة ، وقتا يتصفون بالعزل ، ووقتا يتصفون بالولاية ، ووقتا بالغيبة عنها ، مع بقاء الولاية ، فالولاية ما دام مدبرا لهذا الجسد الحيواني ، والموت عزله ، والنوم غيبته عنه مع بقاء الولاية عليه ، وأفاق موسى بعد صعقته ولم يرجع الجبل إلى وتديته لوجود العوض ، وهو غيره من الجبال ، وهذا الجسد الخاص ما له مدبر مخلوق سوى هذا الروح ، فطلب الجسم من الله بالحال مدبره ، فرده الله إليه ، فهذا سبب علة إفاقة موسى وعدم رجوع الوتدية للجبل ، لأن الأرض استغنت عنه بأمثاله ، وفي تدكدك الجبل وصعق موسى عليهالسلام إشارة لقول العارف : إن المحدث إذا ظهر له القديم يمحو أثره ، إذ لا طاقة للمحدث على رؤية القديم ، ولهذا جاء الخبر الصحيح الإلهي بأن الحق قد يكون بصر العبد وسمعه ، حتى يثبت لظهور الحق في التجلي أو في الكلام ، ألا ترى إلى موسى عليهالسلام لما كان الحق سمعه ثبت لكلام الله فكلمه ، فلما وقع التجلي ولم يكن الحق عند ذلك بصر موسى كما كان سمعه صعق ولم يثبت ، فلو كان بصره لثبت ، وكان اندكاك الجبل عن تجلي الحق لكون روحه ما أوجده الله لحفظ الصورة على الجبل مثل الأرواح المدبرة ، وإنما أوجده ليكون مسبحا له ، فلذلك لم تحفظ عليه صورة الجبلية ، وأثر فيه التجلي جعله دكا ، وحفظ روح موسى عليهالسلام على موسى في صعقته عند رؤية ما رآه الجبل الذي كان حجابا عليه صورة نشأته (فَلَمَّا أَفاقَ) رجع موسى موسى وما رجع الجبل جبلا ، فعلم موسى أنه قد وقع منه ما كان ينبغي له أن لا يقع إلا بأمر إلهي (قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ) لما علم أن الله يحب التوابين ، قال : رجعت إليك ، أو رجعت إلى الحالة التي لم أكن سألتك فيها الرؤية ، فلا أطلب رؤيتك على الوجه الذي كنت طلبتها به أولا ، فإني قد عرفت ما لم أكن أعلمه منك (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) على وجهين : ـ الوجه الأول ـ أول المؤمنين بوقوع هذا الجائز ، إذ ما تقدم لأحد من هذا النوع الإنساني أنه سأل ربه رؤيته ، ولا أنه رآه ، فلذلك ادعى موسى أنه أول المؤمنين ، فما انحجب موسى عن ربه ، واستصحبته رؤيته إلى أبد الأبد ، ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أعلمنا أنه ما من أحد إلا سيرى ربه ويكلمه كفاحا ، وأبان صلىاللهعليهوسلم لأمته عن صورة تجلي الحق لعباده ، ونحن نعلم قطعا أن ذوق الرسل فوق ذوق الأتباع بما لا يتقارب ، فلا تظن أن سؤال موسى رؤية ربه أنه فاقد للرؤية التي كانت حالة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في قوله : ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله ، هذه الرؤية ما هي الرؤية التي طلبها موسى من ربه ، فإنها رؤية