عليهمالسلام ، وهي هنا الكشف ، فالمتبع على كشف مثل كشف الرسل ، فإن العلم الصحيح لا يعطيه الفكر ولا ما قررته العقلاء من حيث أفكارهم ، إنما هو ما يقذفه الله في قلب العالم ، وهو نور إلهي يختص به من يشاء من عباده من ملك ورسول ونبي وولي ومؤمن ، ومن لا كشف له لا علم له ، ولهذا جاءت الرسل والتعريف الإلهي بما تحيله العقول فتضطر إلى التأويل في بعضها لتقبله ، وتضطر إلى التسليم والعجز في أمور لا تقبل التأويل أصلا ، وغايته أن يقول له وجه لا يعلمه إلا الله لا تبلغه عقولنا ، وهذا كله تأنيس للنفس لا علم حتى لا ترد شيئا مما جاءت به النبوة ، هذا حال المؤمن العاقل ، وأما غير المؤمن فلا يقبل شيئا من ذلك ، وقد وردت أخبار كثيرة مما تحيلها العقول في الجناب العالي مما وصف الحق به نفسه في كتابه وعلى لسان رسله مما يجب الإيمان به ، ولا يقبله العقل بدليله على ظاهره إلا إن تأوله بتأويل بعيد ، فإيمانه إنما هو بتأويله لا بالخبر ، ولم يكن له كشف إلهي كما كان للنبي فيعرف مراد الحق في ذلك الخبر ، فوصف نفسه سبحانه بالظرفية الزمانية والمكانية ، ووصفه بذلك رسوله صلىاللهعليهوسلم وجميع الرسل ، وكلهم على لسان واحد في ذلك ، لأنهم يتكلمون عن إلّ واحد ، والعقلاء أصحاب الأفكار اختلفت مقالاتهم في الله تعالى على قدر نظرهم ، فالإله الذي يعبد بالعقل مجردا عن الإيمان كأنه بل هو إله موضوع بحسب ما أعطاه نظر ذلك العقل فاختلفوا ، والرسل عليهمالسلام ما نقل عنهم اختلاف فيما ينسبونه إلى الله من النعوت ، بل كلهم على لسان واحد في ذلك ، والكتب التي جاؤوا بها كلها تنطق في حق الله بلسان واحد ما اختلف منهم اثنان ، يصدق بعضهم بعضا مع طول الأزمان وعدم الاجتماع ، وما بينهم من الفرق المنازعين لهم ، ما اختل نظامهم ، وكذلك المؤمنون بهم على بصيرة المسلمون المسلّمون الذين لم يدخلوا نفوسهم في تأويل ، فهم أحد رجلين ، إما رجل آمن وسلم وجعل علم ذلك إليه إلى أن مات وهو المقلد ، وإما رجل عمل بما علم من فروع الأحكام ، واعتقد الإيمان بما جاءت به الرسل والكتب ، فكشف الله عن بصيرته وصيره ذا بصيرة في شأنه كما فعل بنبيه ورسوله صلىاللهعليهوسلم وأهل عنايته ، فكاشف وأبصر ودعا إلى الله عزوجل على بصيرة ، كما قال الله تعالى في حق نبيه صلىاللهعليهوسلم مخبرا له (أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) وهؤلاء هم العلماء بالله العارفون ، وإن لم يكونوا رسلا ولا أنبياء ، فهم على بينة من ربهم في علمهم به وبما جاء من عنده ، وكذلك وصف نفسه