بكثير من صفات المخلوقين في كل خبر صحيح ورد في كتاب أو سنة ، والأخبار أكثر من أن تحصى ، مما لا يقبلها إلا مؤمن بها من غير تأويل ، أو بعض أرباب النظر من المؤمنين بتأويل اضطره إليه إيمانه ، فانظر مرتبة المؤمن ما أعزها ، ومرتبة أهل الكشف ما أعظمها ، حيث ألحقت أصحابها بالرسل والأنبياء عليهمالسلام فيما خصوا به من العلم الإلهي ، لأن العلماء ورثة الأنبياء ، وما ورثوا دينارا ولا درهما بل ورثوا العلم بقوله صلىاللهعليهوسلم [إنّا معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة] وهذا العلم المأخوذ من الكشف إنما هو على صورة الإيمان سواء ، فكل ما يقبله الإيمان عليه يكون كشف أهل الله ، فإنه حق كله ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم [العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء ما ورثوا دينارا ولا درهما ، ورثوا العلم] فالوارث الكامل من انقطع إلى الله بشريعة رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى أن فتح الله له في قلبه في فهم ما أنزل الله عزوجل على نبيه ورسوله محمد صلىاللهعليهوسلم بتجل إلهي ، فرزق الفهم في كتابه عزوجل وجعله من المحدثين في هذه الأمة ، فقام له هذا مقام الملك الذي جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم رده إلى الخلق يرشدهم إلى صلاح قلوبهم مع الله ، ويفرق لهم بين الخواطر المحمودة والمذمومة ، ويبين لهم مقاصد الشرع وما ثبت من الأحكام عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وما لم يثبت ، بإعلام من الله ، آتاه رحمة من عنده وعلمه من لدنه علما ، فيرقي هممهم إلى طلب الأنفس بالمقام الأقدس ، ويرغبهم فيما عند الله كما فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم في تبليغ رسالته ، غير أن الوارث لا يحدث شريعة ولا ينسخ حكما مقررا ، لكن يبين ، فإنه على بينة من ربه وبصيرة في علمه ويتلوه شاهد منه بصدق اتباعه ، وهو الذي شركه الله تعالى مع رسوله صلىاللهعليهوسلم في الصفة التي يدعو بها إلى الله ، فأخبر وقال (أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) وهم الورثة ، يدعون إلى الله على بصيرة ، وكذلك شركهم مع الأنبياء عليهمالسلام في المحنة وما ابتلوا به فقال (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ) وهم الورثة ، فشرك بينهم في البلاء كما شرك بينهم في الدعوة إلى الله ، فمتبع الرسول صلىاللهعليهوسلم لا يخطىء ، فإنّه يقفو أثره ، وما أفرد نفسه صلىاللهعليهوسلم ، بل ذكر أتباعه معه ، فإنهم لا يكونون أتباعه إلا حتى يكونوا على قدمه ، فيشهدون ما يشهد ويرون ما يرى ، فقوله (وَمَنِ اتَّبَعَنِي) هم أهل المجاهدات الذين اتبعوه في أفعاله أسوة واقتداء ، فأوصلهم ذلك الاتّباع إلى البصيرة ، وهو الكشف ، فكان ما أتوا به علما لهم ، فدعوا