ولو قال : ماله عندي عشرة إلا درهم ، لزمه درهم.
ولو نصب لم يكن مقرّا.
______________________________________________________
وفيه تأمّل للضابطة ، فإنه يحتمل ان يكون غالطا في ذلك أو لم يكن عارفا بالقوانين ، أو نسي ، فحمله مطلقا على اللغو أو على كونه منقطعا ، وتقديره (لكن درهم ليس عندي ونحوه) بعيد جدّا.
قوله : «ولو قال : ماله عندي عشرة إلا درهم إلخ» أما وجه لزوم الدرهم الواحد على تقدير الرفع فظاهر ، لأنه استثناء مرفوع في كلام غير موجب فهو صحيح ، فإذا نفى العشرة إلّا واحدا بقي الواحد ، مثبتا ، لأنه قد ثبت في الأصول أن الاستثناء عن (من خ) النفي إيجاب وإثبات ، فثبت (فيثبت خ) الدرهم الواحد ، فإنه بمنزلة ان قال : له عندي درهم.
وأمّا عدم كونه إقرارا بشيء أصلا على تقدير النصب فغير ظاهر ، فإنه استثناء صحيح ، إذ يجوز النصب ويختار البدل في غير الموجب كما في قوله تعالى : «ما فَعَلُوهُ إِلّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ» (١) ، فإنه قد قرئ قليلا أيضا ، فكأنه مبني على الضابطة وأصل براءة الذمّة فيحتمل ان يكون المراد نفي العشرة إلا درهم عن ذمّته بان يلاحظ أوّلا الاستثناء وأدخله في الكلام فصار ، له علي عشرة إلّا درهما ثم أدخل عليه النفي ونفاه عن نفسه وقال : ليس له علي عشرة إلّا درهما ، فكأنه قال : ليس له علي تسعة فإن لها عبارتان مفردة ، مثل تسعة ، ومركّبة ، مثل عشرة إلّا واحدا ، وهذا غاية الاهتمام بالضابطة وأصل البراءة.
ولا بأس به وان كان خارجا عن ظاهر مقتضى الكلام ولكن من أفتى بمثله ينبغي ان يلاحظ مثله في غيره وقد عرفت ترك ذلك في بعض الموادّ فتأمّل.
ورأيت هذا التأويل في بعض القيود في حاشية على شرح الرضي (٢) ، بعد
__________________
(١) النساء ـ ٦٦.
(٢) هو شرح الشافية للشيخ العلّامة نجم الأئمّة رضي الدين محمد بن الحسن الأسترآبادي النجفي