ومع علم المصطلحين وجهلهما بقدر المال المتنازع عليه دينا كان أو عينا لا ما وقع عليه الصلح.
______________________________________________________
ولعله ظهر ممّا تقدم صحّته مع الإقرار والإنكار ما لم يشتمل على منهيّ عنه من عموم الأدلّة المتقدّمة ، والإجماع المدّعى في التذكرة ، قال : ويصحّ الصلح على الإقرار والإنكار عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة.
فكأنّ الأصحاب يريدون الرد على الشافعي حيث منع في الإنكار.
فإن كان فيه نهي متعلّق بأركانه بحيث لا يصلح لذلك مثل كون ما يصالح عليه استرقاق حرّ ، وتحريم بضع حلال ، يبطل ، وان كان غير ذلك فيحرم فقط وهو ظاهر.
ولكن معنى صحّته مع الإنكار غير ظاهر ، ولعلّ المراد أنه إذا لم يكن أحدهما عالما ببطلان دعواه ، أو الذي يعطي شيئا يكون عالما فقط ويعطيه لقطع النزاع وعدم الحلف فهو صحيح ظاهرا أو في نفس الأمر ، وإذا كان المدعي عالما بالفساد فهو غير صحيح في نفس الأمر ولا يملك شيئا ، وكذا ما زاد على ما في ذمّته مع الإقرار أيضا واما إذا كان كلاهما أو المنكر فقط عالما فلا تبرء ذمته من شيء في نفس الأمر إلا ما اعطى ولا يصحّ ذلك الصلح ، وانما يملك عوضا عن ماله فتأمّل.
قوله : «ومع علم المصطلحين إلخ» إشارة إلى شرائط صحّته ، قال في التذكرة : أركانه أربعة ، المصطلحان ويشترط كونهما جائزي التصرف كما في سائر العقود ، ورضاهما (١) إجماعا ، والمصالح عليه ، والمصالح عنه.
ويشترط فيهما التملك ، فلو كان غير مملوك مثل خمر ، أو استرقاق حرّ ، أو استباحة بضع محرّم لم يقع ولم يفد العقد شيئا ، بل يقع باطلا بلا خلاف ، وكذا يبطل على مال غيره لعدم الملكيّة بالنسبة إليهما.
__________________
(١) يعني رضا المصطلحين.