ولو قال : له درهم ودرهم إلّا درهما بطل الاستثناء وان ردّه إليهما.
______________________________________________________
والسيّد والغزّالي يقولان أيضا : انه راجع الى الأخيرة ، ولكن أبو حنيفة يقول : غير راجع الى الأولى حينئذ ، لأنه ظاهر في الأخيرة فقط وظاهر في عدم رجوعه إلى الأوّل ، وهما يقولان ، لأنه غير ظاهر في عدم الرجوع إليها ولا في الرجوع.
وأنت إذا تأمّلت ما ذكرته ، عرفت حقيقة المسألة الأصوليّة والعمل بها وما يتفرع عليها من الفروع والحكم والنظر فيما فرعوا عليها بعض الفقهاء ، مثل قولهم في مثل قوله : (وله علي درهم ودرهم الّا درهما) بطل الاستثناء وان ردّه إليهما.
وجهه ظاهر (أمّا) على القول برجوعه إلى الأخيرة فقط وكونه حقيقة فيها ، فللاستغراق الواضح (وأمّا) إليهما فلما علمت أنّ مراد القائل به هو الرجوع الى كل واحد ، ولا شكّ أنه مستغرق لكل واحد واحد أو انه لا بدّ لإرجاع المستثنى الى كل واحد بأن يأخذ من كل واحد شيئا ، وهنا ليس كذلك إلا بالتأويل الذي ذكره الشهيد والشيخ علي (١) ، واليه أشار بقوله (٢) : (وان رده إليهما) وكذا بقوله في القواعد : لو قال : درهم ودرهم الّا درهما قيل : ان حكم بعوده إلى الأخيرة بطل والّا صحّ وليس بمعتمد (٣).
والظاهر أن معناه باطل مطلقا فيلزم الدرهمان ، واختاره في المختلف ، إذ لا ينبغي الاستثناء من درهم ودرهم فإنه بمنزلة زيد وعمرو الا عمرو.
فتأمل فإن معناه ان قلنا : انه راجع إليهما أو كان المقرّ قائلا به وعمل بمذهبه أو صرّح به أو وضع قرينة دالّة على ان مراده الرجوع إليهما الّا ان يصرّح ان
__________________
(١) يعني به المحقق الثاني الشيخ علي بن عبد العالي الكركي شارح القواعد قده.
(٢) يعني المصنف ره هنا.
(٣) الى هنا عبارة القواعد.