قوله : (بِما آتاهُمْ) يجوز أن تكون الباء على أصلها وتكون : «ما» حينئذ واقعة على «الفواكه» التي هي في الجنة أي متلذذين بفاكهة الجنة ، ويجوز أن تكون بمعنى في أي فيما آتاهم من الثمار وغير ذلك (١). ويجوز أن تكون «ما» مصدرية أيضا.
قوله : (وَوَقاهُمْ) يجوز فيه أوجه :
أظهرها : أنه معطوف على الصلة أي فكهين بإيتائهم ربّهم وبوقايته لهم عذاب الجحيم.
والثاني : أن الجملة حال فتكون «قد» مقدرة (٢) عند من يشترط اقترانها بالماضي الواقع(٣) حالا.
الثالث : أن يكون معطوفا على : (فِي جَنَّاتٍ). قاله الزمخشري (٤) يعني فيكون مخبرا به عن المتقين أيضا فيكون المراد أنهم فاكهون بأمرين : أحدهما : بما آتاهم ، والثاني : بأنه وقاهم.
والعامة على تخفيف القاف من الوقاية. وأبو حيوة بتشديدها (٥).
قوله : (كُلُوا وَاشْرَبُوا) أي يقال لهم كلوا واشربوا هنيئا. وقد تقدم الكلام في : «هنيئا» في النّساء.
قال الزمخشري : هنا يقال لهم كلوا واشربوا أكلا وشربا هنيئا أو طعاما وشربا هنيئا. وهو الذي لا تنغيص فيه.
ويجوز أن يكون مثله في قوله :
٤٥٣٣ ـ هنيئا مريئا غير داء مخامر |
|
لعزّة من أعراضنا ما استحلّت (٦) |
أعني صفة استعملت استعمال المصدر القائم مقام الفعل ، مرتفعا به «ما استحلّت» كما يرتفع بالفعل كأنه قيل هنّأ عزّة المستحلّ من أعراضنا ، فكذلك (٧) معنى «هنيئا» هنا (٨) هنّأكم الأكل والشّرب ، أو هنّأكم ما كنتم تعملون (٩) والباء مزيدة كما في (كَفى بِاللهِ)
__________________
(١) بالتوضيح لما في التبيان للعكبري ١١٨٣.
(٢) قاله في البحر ٨ / ١٤٨.
(٣) قال في الهمع ١ / ٢٤٧ : «ويجب في الماضي المثبت المتصرف غير التالي «إلّا» والمتلوّ بأو العاري من الضمير «قد» مع الواو ، فإن كان جامدا كليس أو منفيا فلا. هذا ما جزم به المتأخرون كابن عصفور والابذيّ والجزوليّ تبعا للمبرد والفارسيّ. قال أبو حيان : والصحيح وقوع الماضي حالا بدون قد. ولا يحتاج إلى تقديرها للكثرة». انظر همع الهوامع المرجع السابق.
(٤) الكشاف ٤ / ٢٣.
(٥) البحر ٨ / ١٤٨ شاذة.
(٦) من الطويل وهو لكثير وهو بالديوان. والشاهد قد أوضحه أعلى وهو وقوع «هنيئا» صفة استعملت استعمال المصدر كما أوضحه أعلى وانظر الكشاف ٤ / ٢٤ ، وشرح شواهده ٣٥٤ والبحر ٨ / ١٤٨ ، وديوانه ١ / ٤٩ الجزائر ١٩٢٨.
(٧) في الكشاف : وكذلك.
(٨) وفيه : ههنا.
(٩) وانظر الكشاف ٤ / ٢٣ و ٢٤.