وذكر الزمخشري أنه مجرور عطفا على «حور عين» قال الزمخشري : (وَالَّذِينَ آمَنُوا) معطوف على «حور عين» أي قرنّاهم بالحور وبالذين آمنوا أي بالرفقاء والجلساء منهم كقوله : (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) [الحجر : ٤٧] فيتمتعون تارة بملاعبة الحور ، وتارة بمؤانسة الإخوان (١).
ثم قال الزمخشري : ثم قال : «بإيمان ألحقنا بهم ذرّيّاتهم» أي بسبب إيمان عظيم رفيع المحل وهو إيمان الآباء ألحقنا بدرجتهم ذرّيّتهم وإن كانوا لا يستأهلونها تفضلا عليهم (٢).
قال أبو حيان : ولا يتخيل أحد أن (وَالَّذِينَ آمَنُوا) معطوف على (بِحُورٍ عِينٍ) غير هذا الرجل. وهو تخيّل أعجميّ ، مخالف لفهم العربي القحّ ابن عباس وغيره (٣).
قال شهاب الدين : أما ما ذكره أبو القاسم من المعنى فلا شك في حسنه ونضارته ، وليس في كلام العربي القحّ ما يدفعه بل لو عرض على ابن عباس وغيره لأعجبهم ، وأيّ مانع معنويّ أو صناعيّ يمنعه؟! (٤).
قوله : (وَأَتْبَعْناهُمْ) يجوز أن يكون عطفا على الصلة ، ويكون (وَالَّذِينَ آمَنُوا)(٥) مبتدأ ويتعلق «بإيمان» بالاتّباع (٦) ، بمعنى أن الله تعالى يلحق الأولاد الصّغار وإن لم يبلغوا الإيمان بأحكام الآباء المؤمنين. وهذا المعنى منقول عن ابن عباس والضّحّاك (٧). ويجوز أن يكون معترضا بين المبتدأ والخبر. قال الزمخشري (٨) ويجوز أن يتعلق «بإيمان» ب «ألحقنا» كما تقدم (٩).
فإن قيل : قوله : أتبعناهم ذرّيّاتهم يفيد فائدة قوله : «ألحقنا بهم ذرّيّاتهم».
فالجواب : أن قوله : (أَلْحَقْنا بِهِمْ) أي في الدرجات والاتّباع إنما هو في حكم الإيمان وإن لم يبلغوه كما تقدم (١٠).
وقرأ أو عمرو : (وَأَتْبَعْناهُمْ) بإسناد الفعل إلى المتكلم نفسه. والباقون واتّبعتهم
__________________
(١) في الكشاف : الإخوان المؤمنين.
(٢) وفيه أيضا : تفضلا عليهم وعلى آبائهم. وانظر الكشاف ٤ / ٢٤.
(٣) وكلام ابن عباس حديث رواه عن الرسول (ص) «إنّ الله يرفع ذرّيّة المؤمن في درجته وإن كانوا دونه لتقرّ بهم عينه». وانظر البحر المحيط ٨ / ٢٤.
(٤) وهذا اعتراض نقله المؤلف عن السمين الحلبي في الدر المصون على أبي حيان أستاذه في تعقبه لكلام الزمخشري. أقول : وأنا لا أرى أيضا أيّ مانع عن عطف «الَّذِينَ آمَنُوا» على «حور عين» وهو كلام جميل ومقبول من الزمخشري ـ رحمهالله ـ.
(٥) الواو سقط من (ب) من قوله : «والذين».
(٦) من قوله : «واتّبعتهم».
(٧) بالمعنى من تفسير البحر المحيط ٨ / ١٤٨.
(٨) الكشاف ٤ / ٢٤.
(٩) البحر المرجع السابق.
(١٠) الرازي ٢٨ / ٢٥١.