قوله : (قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ) أي خائفين. والمعنى أنهم يسألون عن سبب ما وصلوا إليه فيقولون : خشية الله أي كنا نخاف الله (فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ). قال الكلبي : عذاب النار. وقال الحسن : (ـ رضي الله عنه ـ) (١) : السموم اسم من أسماء جهنم. والسّموم في الأصل الرّيح الحارّة التي تتخلّل المسامّ ، والجمع سمائم. وسمّ يومنا أي اشتد حرّه (٢). وقال ثعلب : السموم شدة الحر أو شدة البرد في النّهار (٣) وقال أبو عبيدة : السموم بالنهار وقد يكون بالليل والحرور بالليل وقد يكون بالنهار وقد يستعمل السموم في لفح البرد وهو في لفح الحر والشمس أكثر (٤). وقد تقدم شيء من ذلك في سورة «فاطر».
وقرأ العامة : ووقانا بالتخفيف ، وأبو حيوة بالتّشديد (٥) وقد تقدم. قوله : (إِنَّا كُنَّا قَبْلُ) أي في الدنيا «ندعوه» نخلص له العبادة.
وقوله : (إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ) قرأ نافع والكسائيّ بفتح الهمزة على التعليل أي لأنّه والباقون بالكسر على الاستئناف (٦) الذي فيه معنى العلة فيتحد معنى القراءتين.
وقوله : (هُوَ الْبَرُّ). قال ابن عباس : اللطيف. وقال الضحاك : الصادق فيما وعد الرحيم بعباده ، (الّلهمّ ارحمنا) (٧).
قوله تعالى : (فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ (٢٩) أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (٣١) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (٣٢) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٣) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٣٤) أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ (٣٦) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (٣٧) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨) أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (٣٩) أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٠) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤١) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ
__________________
(١) ما بين الأقواس سقط من (ب). وانظر هذه الأقوال في تفاسير البغوي والخازن ٦ / ٢٥١ والقرطبي ١٧ / ٧٠.
(٢) وانظر القرطبي المرجع السابق.
(٣) ينظر فصيح الإمام ثعلب واللسان «س م م» ٢١٠٣.
(٤) كذا نسبه أيضا القرطبي في الجامع ١٧ / ٧٠ وصاحب اللسان «سمم» لأبي عبيدة ولم أجده في مجازه عند التحدث عن تلك الآية. وانظر اللسان «سمم» ٢١٠٣.
(٥) ذكرها أبو حيان في البحر المحيط ٨ / ١٥٠ وهي شاذة.
(٦) من القراءة السبعية المتواترة وانظر الكشف ٢ / ٢٩١.
(٧) هذه الجملة الدعائية زيادة من أ.