الدنيا قبل عذاب الآخرة. قال ابن عباس ـ (رضي الله (١) عنهما) ـ يعني القتل يوم بدر.
وقال الضحاك : هو الجوع والقحط سبع سنين. وقال البراء بن عازب : عذاب القبر.
(وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أن العذاب نازل بهم (٢).
والمراد بالظلم هنا هو كيدهم نبيّهم ـ عليه الصلاة والسلام ـ وهم أهل مكة. وقيل : ظلموا بعبادة غير الله فيكون عاما في كل ظالم. والإشارة بقوله : «ذلك» إلى اليوم الذي فيه يصعقون.
ومقعول «يعلمون» يجوز أن يكون ما تقدم (٣) ، ويجوز أن يكون لا مفعول له أي أكثرهم غافلون جاهلون (٤).
قوله تعالى : (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ). أي إلى أن يقع بهم العذاب الذي حكمت عليهم (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا) قراءة العامة بالفك ، وأبو السّمّال بإدغام النون فيما بعدها (٥). وناسب جمع الضمير هنا جمع العين ألا تراه أفرد حيث أفردها في قوله : (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي) [طه : ٣٩]. قاله الزمخشري (٦). والمعنى : فإنك بمرأى منّا.
قال ابن عباس : نرى ما يعمل بك. وقال الزجاج : إنك بحيث نراك ونحفظك فلا يصلون إلى مكروهك (٧).
قال ابن الخطيب : اللام في قوله (لِحُكْمِ رَبِّكَ) تحتمل وجوها :
أحدها : هي بمعنى «إلى» أي اصبر إلى أن يحكم الله.
الثاني : أن الصبر فيه معنى الثبات أي تثبّت لحكم ربك واحتمله.
الثالث : هي اللام التي للسبب ، يقال : لم خرجت؟ فتقول : لحكم فلان عليّ بالخروج ، فقال : فاصبر واجعل سبب الصبر امتثال الأمر ، أي فاصبر لهذا الحكم عليك لا لشيء آخر (٨).
قوله : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) تقدم الكلام على نظيره (٩) وقوله : (حِينَ تَقُومُ) قال سعيد بن جبير وعطاء : أي قل حين تقوم من مجلسك : سبحانك اللهم وبحمدك ، فإن
__________________
(١) زياد من أ.
(٢) وانظر البغوي ٦ / ٢٥٤.
(٣) من الأمر وهو أن لهم عذابا دون ذلك.
(٤) وانظر في هذا كله تفسير الإمام ٢٨ / ٢٧٤.
(٥) فتكون هكذا : بأعينّا. وهي شاذة. انظر الكشاف ٤ / ٢٦ و ٢٧ ، والبحر ٨ / ١٥٣.
(٦) الكشاف المرجع السابق.
(٧) معاني القرآن وإعرابه له ٥ / ٦٨.
(٨) بالمعنى من تفسير الإمام ٢٨ / ٢٧٤ و ٢٧٥.
(٩) في سورة «ق» من قوله : «فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ».