صورة الآدميين فضمه إلى نفسه ، وجعل يمسح التراب عن وجهه وهو قوله : (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى).
وأما في السماء فعند سدرة المنتهى ، ولم يره أحد من الأنبياء على تلك الصورة إلّا محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (١) ـ.
وقيل : معنى : «فاستوى» أي استوى القرآن في صدره. وعلى هذا فيه وجهان :
أحدهما : فاستوى أي فاعتدل في قوته.
الثاني : في رسالته. نقله القرطبي عن الماوردي. قال : وعلى هذا يكون تمام الكلام ذو مرة ، وعلى الثاني شديد القوى.
وقيل : استوى أي ارتفع. وفيه على هذا وجهان :
أحدهما : أنه جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ أي ارتفع إلى مكانه.
الثاني : أنه النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أي ارتفع بالمعراج.
وقيل : معنى استوى أي الله عزوجل استوى على العرش. قاله الحسن (٢).
قوله : (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى) التدلي : الامتداد من علو إلى سفل ، فيستعمل في القرب من العلو قاله الفراء (٣) ، وابن الأعرابي (٤).
وقال الهذلي :
٤٥٤٩ ـ تدلّى علينا وهو زرق حمامة |
|
له طحلب في منتهى القيظ هامد (٥) |
وقال الشاعر :
٤٥٥٠ ـ .......... |
|
تدلّى علينا بين سبّ وخبطة (٦) |
__________________
(١) نقل هذا الوجه بتفصيلاته وتقييداته الإمام البغوي في معالم التنزيل ٦ / ٢٥٦ ، وكذلك الخازن في لباب التأويل ٦ / ٢٥٦.
(٢) ذكر كل هذه الأقوال في الجامع الإمام القرطبي. انظر تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ٨٧ و ٨٨.
(٣) قال في المعاني ٣ / ٩٥ : «كأن المعنى ثم تدلى فدنا». ولم أجد ما قاله المؤلف بلفظه في المعاني له بينما قال في اللسان «دلا» : ولا يكون التدلي إلا من علوّ إلى استفال.
(٤) المرجع السابق.
(٥) من الطويل وهو لأسامة الهذلي كما في اللسان ولم ينسب في البحر. ورواية المؤلف كرواية البحر وفي اللسان «عليه» بدل «علينا» و «القيض» بدل القيظ. والشاهد في «تدلى» فمعناه أتى علينا من مكان. وانظر البيت في اللسان دلا ١٤١٨ ، والبحر ٨ / ١٥٤ وروح المعاني للألوسي ٢٧ / ٤٨.
(٦) صدر بيت من الطويل عجزه :
بجرداء مثل الوكف يكبو غرابها
وهو لأبي دؤيب يصف مشتار العسل. والسّب الحبل. وقيل : الوتد. والخبطة رأس الجبل. يقول : ـ.