الجوهريّ : «قني الرجل يقنى قنى» مثل «غني يغنى غنى» (١) ، ثم يتعدى بتغيير الحركة فيقال : قنيت مالا أي كسبته ، وهو نظير : شترت عينه (٢) ـ بالكسر ـ وشترها الله ـ بالفتح ـ فإذا أدخلت عليه الهمزة أو التضعيف اكتسب مفعولا ثانيا فيقال : أقناه الله مالا ، وقناه إياه أي أكسبه إيّاه ، قال الشاعر :
٤٥٧١ ـ كم من غنيّ أصاب الدّهر ثروته |
|
ومن فقير تقنّى بعد إقلال (٣) |
أي تقنى مالا ، فحذف (المفعول الثاني). وحذف مفعولا (أَغْنى وَأَقْنى) ؛ لأن المراد نسبة هذين الفعلين إليه وحده ، وكذلك في باقيها ، وألف «أقنى» عن ياء ، لأنه من القنية ؛ قال :
٤٥٧٢ ـ ألا إنّ بعد العدم للمرء قنية (٤)
ويقال : قنيت كذا وأقنيته ، قال :
٤٥٧٣ ـ .......... |
|
قنيت حيائي عفّة وتكرّما (٥) |
قوله تعالى : (وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى) والشّعرى في لسان العرب كوكبان يسمى أحدهما الشعرى العبور وهو المراد في الآية الكريمة ، فإنّ خزاعة كانت تعبدها ، وسن عبادتها أبو كبشة رجل من سادتهم فعبدها وقال : لأن النجوم تقطع السماء عرضا والشّعرى تقطعها طولا فهي مخالفة لها فعبدتها خزاعة وحمير وأبو كبشة أحد أجداد النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من قبل أمهاته ، وبذلك كان مشركو قريش يسمون النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : ابن أبي كبشة حين دعا إلى الله ، وخالف أديانهم ، فكانت قريش تقول لرسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : ابن أبي كبشة تشبيها بذلك الرجل في أنه أحدث دينا غير دينهم.
والشّعرى العبور تطلع بعد الجوزاء في شدة الحر ويقال لها : مرزم الجوزاء وتسمى كلب الجبار ، ويسمى الشعرى اليمانية والثاني الشعرى الغميصاء ، وهي التي في الذّراع
__________________
(١) صحاح الجوهري قنا.
(٢) والشتر انتقال في جفن العين أعلى وأسفل. وانظر اللسان شتر ٢١٩٢.
(٣) من البسيط ولم أعرف قائله فهو مجهول. والشاهد تعدية «تقنّى» من قني ماضيا إلى المفعول الثاني ، والأول هو النائب عن الفاعل والأصل : قنّاه الله مالا ، فالأول هو الهاء.
(٤) نصف بيت من الطويل ، لا أعرف أصدر هو أو عجز ، وبالتالي لم أعرف قائله ، فقد بحثت عنه كثيرا فلم أهتد إليه والشاهد : في قنية فهي عن ياء كما يقتضيه كلام أهل الكوفة.
(٥) عجز بيت من الطويل لحاتم الطائي صدره :
إذا قلّ مالي أو نكبت بنكبة
وشاهده كسابقه من أن أصل ألف «أقنى» ياء من قنيت الحياء أي لزمته. والبيت بعد واضح ، وانظر اللسان : قنا ٣٧٦٠ والكتاب ١ / ٣٦٨ و ٣ / ١٢٦ والمقتضب ٢ / ٣٤٨ وابن يعيش ٢ / ٥٤ والتصريح ١ / ٣٩٢ ، والأشموني ٢ / ١٨٩ وديوان الوهبية ١٢٩٣ من مجموع خمسة دواوين ص ١٠٨.