وأما همزة الواو ففيها وجهان منقولان :
أحدهما : أن يكون «أولى» أصلها عنده وؤلى من وأل أي نجا كما هو قول الكوفيين ، ثم أبدل الواو الأولى همزة ، لأنها واو مضمومة وقد تقدم أنها لغة مطّردة. فاجتمع همزتان ثانيهما ساكنة فوجب قلبها واوا نحو : أومن ، فلما حذفت الهمزة الأولى بسبب نقل حركتها رجعت الثانية إلى أصلها من الهمز ؛ لأنها إنما قلبت واوا من أجل الأولى وقد زالت. وهذا تكلف لا دليل عليه.
والثاني : أنه لما نقل الحركة إلى اللام صارت الضّمة قبل الواو كأنها عليهما ؛ لأن حركة الحرف بين يديه فأبدل الواو همزة كقوله :
٤٥٧٧ ـ أحبّ المؤقدين إليّ مؤسى (١)
وكقراءة «يؤقنون» (٢) وهمزة السؤق [ص : ٣٣] وسؤقه [الفتح : ٢٩] كما تقدم تحريره. وهذا بناء منه على الاعتداد بالحركة أيضا. وليس في هذا الوجه دليل على أصل «أولى» عنده ما هو فيحتمل الخلاف المذكور جميعه.
وأما ابتداؤه الكلمة من غير نقل (٣) ، فإنه الأصل ، ولأنه إنما ثقل في الوصل لقصده التخفيف بالإدغام ولا إدغام في الابتداء فلا حاجة إلى النقل ، ولأنه إنما ثقل في الوصل وأما الابتداء (٤) بالنقل (٥) فلأنه محمول على الوصل ليجزي اللفظ فيهما على سنن واحد.
وعلة إثبات ألف الوصل مع النقل في أحد وجهين :
ترك الاعتداد بحركة اللام على ما هي عليه القراءة في نظائره مما وجد فيه النقل ؛ إذ الغرض إنما هو جري اللفظ في الابتداء والوصل على سنن واحد وذلك يحصل بمجرد النقل وإن اختلفا في تقدير الاعتداد بالحركة وتركه. وعلة ترك الإتيان بألف في الوجه الثاني حمل الابتداء على الوصل في النقل والاعتداد بالحركة جميعا ويقوّي هذا الوجه رسم (الأولى) في هذا الموضع بغير ألف. والكلام في همز الواو مع النقل في الابتداء كالكلام عليه في الوصل كما تقدم.
وأما ورش فإن أصله أن ينقل حركة الهمزة على اللام في الوصل فنقل على أصله إلا أنه اعتد بالحركة ليصح ما قصده من التخفيف بالإدغام وليس من أصله الاعتداد
__________________
(١) سبق هذا البيت أيضا.
(٢) وهي قراءة أبي حية النمري كما ذكر ذلك صاحب الكشاف ١ / ١٣٨.
(٣) كابن كثير ومن معه.
(٤) أي قالون.
(٥) بهمزة الوصل وبدونها. أي الؤلى ، ولؤلى.