منقاس ، وأما المعنى فليس تولّيه عنهم مغيّا بذلك الزمان ، وإما بانتظر مضمرا ، فهذه سبعة أوجه في ناصب «يوم» (١). قال القرطبي : أو منصوب ب «خشّعا» أو على حذف حرف الفاء وما عملت فيه من جواب الأمر تقديره : فتول عنهم فإن لهم يوم يدع الدّاع. وقيل : أي تول عنهم يا محمد فقد أقمت الحجة ، وأبصرتهم يوم يدع الداع (٢). وقيل : أعرض عنهم يوم القيامة ولا تسأل عنهم وعن أحوالهم فإنهم يدعون إلى شيء نكر وينالهم عذاب شديد كقولك : لا تسل ما جرى على فلان إذا أخبرته بأمر عظيم.
وقيل : أي وكل أمر مستقر يوم يدع الداعي. وحذفت الواو من «يدع» خطّا اتباعا للفظ كما تقدم في «تغن» و (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ) [الشورى : ٢٤] وشبهه (٣). والياء (٤) من «الدّاع» مبالغة في التخفيف إجراء «لأل» مجرى ما عاقبها وهو التنوين ، فكما تحذف الياء مع التنوين كذلك مع ما عاقبها (٥).
قوله : (الدَّاعِيَ) معرف كالمنادي في قوله : (يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ) [ق : ٤١] ؛ لأنه معلوم قد أخبر عنه فقيل : إن مناديا ينادي وداعيا يدعو (٦).
قيل : الداعي : إسرافيل ينفخ قائما على صخرة بيت المقدس ، قاله مقاتل.
وقيل : جبريل.
وقيل : ملك يوكّل بذلك. والتعريف حينئذ لا يقطع حدّ العلمية ويكون كقولنا : جاء رجل فقال الرّجل. قاله ابن الخطيب (٧).
قوله : (إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) العامة على ضم الكاف ، وهو صفة على فعل ، وفعل (٨) في الصّفات عزيز منه : أمر نكر ، ورجل شلل (٩) وناقة أجد (١٠) ، وروضة أنف (١١) ومشية سجح(١٢).
__________________
(١) وقد ذكرها مجتمعة أبو حيان في مرجعه السابق ، فضلا عن وجود بعضها متناثرة في الكشاف والقرطبي وغيرهما.
(٢) في القرطبي : «يوم يدعو الدّاعي» في العبارتين. وانظر هذه الأقوال الأخيرة في تفسير العلامة القرطبي الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١٢٩.
(٣) لأن المصحف كتب بلفظ الإدراج ووصل الكلام ولم يكتب على حكم الوصل والوقف. وانظر المشكل ٢ / ٣٣٦.
(٤) أي وحذفت الياء فهو عطف على الواو.
(٥) قاله في البحر المرجع السابق.
(٦) قاله الرازي ١٥ / ٣٤.
(٧) تفسير الرازي ١٥ / ٣٤.
(٨) وهو من الأوزان المتفق عليها ضمن عشرة.
(٩) هو الخفيف السريع ، يقال : رجل مشلّ ، وشلول ، وشلول ، وشلشل. وانظر اللسان شلل ٢٣١٧.
(١٠) قوية موثقة الخلق. واشتقاقه من الإجاد والإجاد كالطاق القصير. وانظر اللسان أجد ٣١.
(١١) التي لم يرعها أحد. وانظر اللسان أنف ١٥٣.
(١٢) أي سهلة. اللسان سجح ١٩٣٩.