ومؤنثا وجمع التكسير ، قال : لأن الصّفة متى تقدمت على الجماعة جاز فيها ذلك ، والجمع موافق للفظها فكان أشبه (١).
قال أبو حيان : وإنما يخرج على تلك اللغة إذا كان الجمع جمع سلامة (٢) نحو : مررت بقوم كريمين آباؤهم والزمخشري قاس جمع التكسير على جمع السلامة وهو قياس فاسد يرده النقل عن العرب أن جمع التكسير أجود من الإفراد كما ذكره سيبويه (٣) ودل عليه كلام الفراء (٤).
قال شهاب الدين : وقد خرج الناس قول امرىء القيس :
٤٥٨٧ ـ وقوفا بها صحبي على مطيّهم |
|
يقولون : لا تهلك أسى وتجمّل (٥) |
على أن صحبي فاعل ب «وقوفا» وهو جمع «واقف» في أحد القولين في «وقوفا».
وفي انتصاب «خاشعا وخشعا وخاشعة» أوجه :
أحدها : أنه مفعول به وناصبه (يَدْعُ الدَّاعِ)(٦). وهو في الحقيقة (صفة) لموصوف محذوف تقديره فريقا خاشعا أو فوجا خاشعا.
والثاني : أنه حال من فاعل (يخرجون) المتأخر عنه (٧) ، ولما كان العامل متصرفا جاز تقدم الحال عليه ، وهو رد على الجرمي ، حيث زعم أنه لا يجوز ، ورد عليه أيضا بقول العرب : (شتّى تؤوب الحلبة) «فشتى» حال من الحلبة ، وقال الشاعر :
٤٥٨٨ ـ سريعا يهون الصّعب عند أولي النّهى |
|
إذا برجاء صادق قابلوا البأسا (٨) |
__________________
(١) وقد قال الفراء في المعاني ٣ / ١٠٥ : «إذا تقدم الفعل قبل اسم مؤنث وهو له أو قبل جمع مؤنث مثل الأنصار ، والأعمار وما أشبههما جاز تأنيث الفعل وتذكيره وجمعه. وقد أتى بذلك في هذا الحرف يقصد خاشعا أبصارهم» ، وانظر المعاني السابق.
(٢) في البحر : الجمع مجموعا بالواو والنون.
(٣) قال : واعلم أن ما كان يجمع بغير الواو والنون نحو : حسن وحسان فإن الأجود فيه أن تقول : مررت برجل حسان قومه ، وما كان يجمع بالواو والنون نحو منطلق ومنطلقين فإن الأجود فيه أن يجعل بمنزلة الفعل المتقدم فتقول : مررت برجل منطلق قومه. وانظر الكتاب ٢ / ٤٣ ، ٤١.
(٤) البحر ٨ / ١٧٦.
(٥) من الطويل ، ونسب إلى امرىء القيس وليس في ديوانه وإنما هو في ديوان طرفة ١٩ دار صادر ، وروح المعاني ٢٧ / ٨٠ ، وفتح القدير ٥ / ١٢١ ، والشاهد : جمع الواقف جمعا تكسيريّا ورفعه لما بعده فهو «خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ». وهو موافق لما ذهب إليه الزمخشري ومناقض لأبي حيان من أن جمع التكسير لا يجري مجرى جمع السلامة.
(٦) وهو رأي الإمام الرازي في تفسيره ١٥ / ٣٤. وانظر البحر ٨ / ١٧٥.
(٧) مشكل القرآن ٢ / ٣٣٧ والتبيان ١١٩٣ والبحر السابق.
(٨) هو من الطويل ولم أقف على قائله. وشاهده : تقدم الحال «سريعا» على عاملها «يهون» لأنه فعل متصرف وهو رد على مذهب الجرمي الذي لا يجيز ذلك وإن كان العامل متصرفا. وانظر البحر ٨ / ١٧٥.