ويكون : «يخرجون» ابتداء كلام ، وعن الثالث (١) أنه لا منافاة بين القراءتين وخاشعا نصب على الحال أو على أنه مفعول يدعو كأنه يقول : يدعو الداعي قوما خاشعا (٢) أبصارهم.
(والخشوع) (٣) السكون كما قال تعالى : (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ) [طه : ١٠٨] ، وخشوع الأبصار سكونها على حال لا تتلفّت يمنة ولا يسرة كما قال تعالى : (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ)(٤) [إبراهيم : ٤٣]. وقيل : خاشعة أي ذليلة خاضعة عند رؤية العذاب.
قوله : (يخرجون) يجوز أن يكون حالا من الضمير في : (أبصارهم) وأن يكون مستأنفا. والأجداث القبور وقد تقدم في يس.
وقوله : (كَأَنَّهُمْ جَرادٌ) هذه الجملة يجوز أن تكون حالا من فاعل «يخرجون» أو مستأنفة. ومثلهم بالجراد المنتشر في الكثرة والتّموج. وقيل : معنى منتشر أي منبث حيارى (٥).
ونظيره قوله تعالى : (كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) [القارعة : ٤]. والمعنى : أنهم يخرجون فزعين لا جهة لأحد منهم يقصدها كالجراد ولا جهة تكون مختلطة بعضها في بعض (٦) ، وذكر المنتشر على لفظ الجراد (٧).
قال ابن الخطيب : ويحتمل أن يقال : المنتشر مطاوع نشره إذا أحياه ، قال تعالى : (ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) [الروم : ٢٠] فكأنهم جراد متحرك من الأرض (و) يدب إشارة إلى كيفية خروجهم من الأجداث وضعفهم (٨).
وقال القرطبي : قوله (تعالى) (٩) : (كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ مُهْطِعِينَ إِلَى) الداعي وقال في موضع آخر : (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) فهما صفتان في وقتين مختلفين أحدهما عند الخروج من القبور يخرجون فزعين لا يهتدون (إلى) (١٠) أين يتجهون فيدخل بعضهم في بعض فهم حينئذ كالفراش المبثوث بعضهم في بعض لا جهة له يقصدها فإذا سمعوا المنادي قصدوه فصاروا كالجراد المنتشر ، لأن الجراد المنتشر لها جهة يقصدها (١١).
قوله : «مهطعين» حال أيضا من اسم كان ، أو من فاعل «يخرجون» عند من يرى تعدّد الحال. قال أبو البقاء : و «مهطعين» حال من الضمير في «منتشر» عند قوم ، وهو
__________________
(١) في (ب) الثاني.
(٢) في الرازي : خاشعة.
(٣) سقط من (أ).
(٤) وانظر هذا كله في الرازي ١٥ / ٣٥ و ٣٤.
(٥) وهو رأي البغوي ٦ / ٢٧٤.
(٦) البغوي السابق والقرطبي ١٧ / ١٣٠.
(٧) في الكثرة والتموج.
(٨) تفسير الرازي ١٥ / ٣٥.
(٩) زيادة من (أ).
(١٠) زيادة من النسختين عن القرطبي.
(١١) قاله في الجامع له ١٧ / ١٣٠ المرجع السابق.