قوله : (تَنْزِعُ النَّاسَ) في موضع نصب إما نعتا ل «ريحا» وإما حالا منها لتخصصها بالصفة ؛ ويجوز أن تكون مستأنفة (١). وقال : «الناس» ليعم ذكرهم وأنثاهم ، فأوقع الظاهر موقع المضمر لذلك فالأصل تنزعهم (٢).
فصل
قال تعالى هنا : (فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) وقال في السجدة (٣) : (فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) وقال في الحاقة : (سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) [الحاقة : ٧]. والمراد من اليوم هنا الوقت والزمان كما في قوله : (يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) [مريم : ٣٣]. وقوله «مستمرّ» يفيد ما يفيده الأيام ؛ لأن الاستمرار ينبىء عن امتداد الزمان كما تنبىء عنه الأيام. والحكاية هنا مذكورة على سبيل الاختصار فذكر الزمان ولم يذكر مقداره على سبيل الإيجاز (٤).
قوله : (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ) حال من الناس مقدرة (٥) ، و «منقعر» صفة للنّخل باعتبار الجنس ، ولو أنث لاعتبر معنى الجماعة كقوله : (نَخْلٍ خاوِيَةٍ) [الحاقة : ٧]. وقد مضى تحقيق (٦) اللغتين فيه.
وإنما ذكر هنا وأنث في الحاقة مراعاة للفواصل في الموضعين. وقرأ أبو نهيك : «أعجز» على وزن أفعل نحو : ضبع وأضبع (٧).
وقيل : الكاف في موضع نصب بفعل مقدر تقديره : تتركهم كأنّهم أعجاز. قاله مكّي (٨).
ولو جعل مفعولا ثانيا على التضمين أي تصيرهم بالنزع كأنهم لكان أقرب.
والأعجاز جمع عجز (٩) وهو مؤخر الشيء ، ومنه العجز ، لأنه يؤدي إلى تأخر الأمور. والمنقعر : المنقلع من أصله (يقال) قعرت النّخلة قلعتها من أصلها فانقعرت.
__________________
(١) قاله أبو حيان في بحره ٨ / ١٧٩.
(٢) انظر السابق أيضا ، قال : «إذ لو عاد بضمير المذكورين لتوهم أنه خاصّ بهم».
(٣) أي في فصّلت الآية سابقة الذكر.
(٤) الرازي ١٥ / ٤٧.
(٥) قاله أبو حيان في مرجعه السابق.
(٦) حيث قال في الأنعام من الآية ٩٩ : «وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ». وقال في نفس السورة عند الآية ١٤١ : «وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ». بالإضافة إلى الآيات الواردة في القرآن من سور الشعراء ، والرحمن ، والحاقة ، و «ق» وهي شبيهة بتلك الآيات.
(٧) وهي شاذة. وانظر البحر المرجع السابق.
(٨) مشكل الإعراب ٢ / ٣٣٨.
(٩) قال في اللسان : عجز الشيء وعجزه وعجزه وعجزه : آخره ، ويذكّر ويؤنّث. وانظر اللسان «عجز» ٢٨١٧.