نخل خاوية لأجل الفواصل كقوله : مستمرّ ، ومنهمر ، ومنتشر.
وقيل : إن النّخل لفظه لفظ واحد ، ومعناه الجمع ، فيقال : نخل منقعر ، ومنقعرة ومنقعرات ، ونخل خاو وخاوية وخاويات ونخل باسق وباسقة وباسقات.
فإذا قيل : «منقعر أو خاو أو باسق» فبالنظر إلى اللفظ ، وإذا قيل : منقعرات أو خاويات أو باسقات فلأجل المعنى (١).
قال أبو بكر بن الأنباري : سئل المبرّد بحضرة القاضي إسرفيل (٢) عن ألف مسألة هذه من جملتها فقال : ما الفرق بين قوله تعالى : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً) [الأنبياء : ٨١] وقال: (جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ) [يونس : ٢٢] ، وقوله ، (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) [الحاقة : ٧] و (أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ)؟ فقال : كلّ ما ورد عليك من هذا القرآن ، فإن شئت رددته إلى اللفظ تذكيرا أو إلى المعنى تأنيثا (٣).
قال ابن الخطيب : ذكر الله لفظ النخل في مواضع ثلاثة ووصفها على الأوجه الثلاثة ، قال: (وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ) [ق : ١٠] وذلك حال عنها وهي كالوصف وقال : (نَخْلٍ خاوِيَةٍ) و (نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) فحيث قال : «منقعر» كان المختار ذلك ، لأن المنقعر في حقيقة الأمر كالمفعول ؛ لأنه ورد عليه القعر ، فهو مقعور ، و «الخاوي والباسق» فاعل وإخلاء المفعول من علامة التأنيث أولى ، تقول : امرأة قتيل (٤). وأما الباسقات فهي فاعلات حقيقة ، لأن البسوق اسم قام بها ، وأما الخاوية فهو من باب «حسن الوجه» ؛ لأن الخاوي موضعها فكأنه قال : نخل خاوية المواضع ، وهذا غاية الإعجاز حيث أتى بلفظ مناسب للألفاظ السابقة واللاحقة من حيث اللفظ (٥).
قوله : (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) قال أكثر المفسرين :
إن «النّذر» ههنا جمع «نذير» الذي هو مصدر بمعنى الإنذار فما الحكمة في توحيد العذاب حيث لم يقال : فكيف أنواع عذابي وقال (٦) : إنذاري؟!.
قال ابن الخطيب : هذا إشارة إلى غلبة الرحمة ، لأن الإنذار إشفاق ورحمة فقال :
__________________
(١) الرازي ١٥ / ٤٨.
(٢) كذا في النسختين وفي تفسير القرطبي : إسماعيل القاضي. وهو الصحيح.
(٣) نقله الإمام القرطبي في جامعه ١٧ / ١٣٧.
(٤) في الرازي : امرأة كفيل ، وامرأة كفيلة ، وامرأة كبير ، وامرأة كبيرة.
(٥) قاله العلامة الفخر الرازي في تفسيره الكبير ١٥ / ٤٨ و ٤٩ واختتم كلامه بقوله : «فكان الدليل يقتضي ذلك ، بخلاف الشاعر الذي يختار اللفظ على المذهب الضعيف لأجل الوزن والقافية».
(٦) الصحيح كما عبارة الرازي : ووبال إنذاري.