جعله المفعول ، ويقال للرجل القليل الخير : إنّه لنكد الحظيرة (١). قال أبو عبيدة (٢) : أراه سمى أمواله حظيرة ، لأنه حظرها عنده ومنعها ، وهي فعيلة بمعنى مفعولة. وقال المهدويّ : من فتح الظاء من المحتظر فهو مصدر ، والمعنى كهشيم الاحتظار. ويجوز أن يكون المحتظر هو الشجر المتخذ منه الحظيرة ، قال ابن عباس (ـ رضي الله (٣) عنهما ـ) :
المحتظر هو الرجل يجعل لغنمه حظيرة بالشجر والشوك فما سقط من ذلك وداسته الغنم فهو الهشيم (٤) قال :
٤٦٠٦ ـ أثرن عجاجة كدخان نار |
|
تشبّ بغرقد بال هشيم (٥) |
وعنه : الحشيش تأكله الغنم ، وعنه أيضا : كالعظام النّخرة المحترقة. وهو قول قتادة. وقال سعيد بن جبير : هو التراب المتناثر من الحيطان في يوم ريح. وقال سفيان الثوري : هو ما تناثر من الحظيرة إذا ضربتها بالعصا ، وهو فعيل من مفعول. وقال ابن زيد : العرب تسمي كل شيء كان رطبا فيبس هشيما (٦) والحظر المنع. والمحتظر المفتعل يقال منه : احتظر على إبله ، وحظر أي جمع الشجر بعضه على بعض ليمنع برد الريح والسّباع عن إبله ، قال الشاعر :
٤٦٠٧ ـ ترى جيف المطيّ بجانبيه |
|
كأنّ عظامها خشب الهشيم (٧) |
وعن ابن عباس (رضي الله عنهما ـ) (٨) أيضا : أنهم كانوا مثل القمح الذي ديس وهشم ـ. (والهشيم :) (٩) فتات السّنبلة والتّبن (١٠).
روى أبو الزّبير عن جابر قال : لما نزلنا الحجر في مغزى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ تبوك ، قال : أيها الناس لا تسألوني الآيات ، هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم أن يبعث لهم ناقة ،
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن للأستاذ العلامة القرطبي ١٧ / ١٤٢. وانظر أيضا صحاح الجوهري «حظر».
(٢) كذا في النسختين ، والصحيح أبو عبيد ؛ فقد رجعت إلى المجاز لأبي عبيدة ٢ / ٢٤١ فوجدته قد قال «صاحب الحظيرة» ، والمحتظر هو الحظار والهشيم ما يبس من الشّجر أجمع.
(٣) زيادة من أ.
(٤) وانظر كل هذا في الجامع السابق.
(٥) من الوافر ولم أعرف قائله. والبيت في التشبيه. والعجاجة الكثير من الإبل والغرقد جمع غرقدة : الشجر العظيم. وبال وهشيم صفتان لغرقد. وجاء بالبيت دلالة على أن الهشيم هو الشجر المداس من الغنم ، وانظر القرطبي ١٧ / ١٤٢ وفتح القدير ٥ / ١٢٧.
(٦) القرطبي المرجع السابق.
(٧) هذا البيت شبيه بسابقه بحرا فهو من تمام الوافر ، وجهلا بقائله ، حيث لم أعرف قائله. والضمير في (عظامها) للمطيّ ، فهو يشبه عظامها بعد الموت وبعد أن أصبحت جيفة بالهشيم المحتظر المجتمع بعضه فوق بعض ، وانظر البيت في القرطبي ١٧ / ١٤٢ ، وفتح القدير ٥ / ١٢٧.
(٨) زيادة من أالأصل كالعادة.
(٩) ما بين القوسين زيادة للاستقامة في الكلام.
(١٠) وانظر القرطبي المرجع السابق واللسان (ه ش م).