والخطاب في «ربكما» قيل : للثقلين من الإنس والجن ؛ لأن الأنام تضمنهما ، وهو قول الجمهور ، ويدل عليه حديث جابر.
وفيه : «للجنّ أحسن منكم ردّا» (١).
وقيل : لما قال : (خَلَقَ الْإِنْسانَ) ، و (خَلَقَ الْجَانَ) [الرحمن : ١٤ ، ١٥]. دل ذلك على ما تقدم وما تأخر لهما.
وكذا قوله : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) [الرحمن : ٣١] خطاب للإنس والجن.
وقال أيضا : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) [الرحمن : ٣٣].
وقال الجرجاني (٢) : خاطب الجن مع الإنس ، وإن لم يتقدم للجن ذكر. كقوله تعالى : (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) [ص : ٣٢].
فقد سبق ذكر الجن فيما سبق نزوله من القرآن ، والقرآن كالسورة الواحدة ، فإذا ثبت أنهم مكلّفون كالإنس ، خوطب الجنسان بهذه الآيات.
وقيل : الخطاب للذكر والأنثى.
وقيل : هو مثنّى مراد به الواحد ، كقوله تعالى : (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ) [ق : ٢٤].
وكقول الحجاج بن يوسف : «يا حرسي اضربا عنقه» ، وكقول امرىء القيس : [الطويل]
٤٦٢٩ ـ قفا نبك |
|
.......... (٣) |
و [الطويل]
__________________
(١) أخرجه الترمذي (٥ / ٣٧٣) رقم (٣٢٩١) والبيهقي في «دلائل النبوة» (٢ / ٢٣٢) من طريق الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه.
وقال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد.
وسمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول : أهل الشام يروون عن زهير بن محمد مناكير. قلت : والوليد بن مسلم شامي.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٨٩) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وأبي الشيخ في «العظمة» وابن مردويه.
وللحديث شاهد عن ابن عمر. أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٥٨٢) والبزار (٢٢٦٩ ـ كشف) والخطيب في «تاريخه» (٤ / ٣٠١) من حديث ابن عمر.
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٧ / ١٢٠) وقال : رواه البزار عن شيخه عمرو بن مالك الراسبي وثقه ابن حبان وضعفه غيره.
وذكره أيضا السيوطي في «الدر المنثور» وصحح سنده وزاد نسبته إلى ابن المنذر والدار قطني في «الأفراد» وابن مردويه.
(٢) ينظر : القرطبي ٦ / ٢٣٩.
(٣) تقدم.