منها : أنهما يخرجان من الملح في المواضع الذي يقع فيه العذب ، وهذا مشاهد عند الغواصين ، وهو قول الجمهور ، فناسب ذلك إسناده إليهما.
ومنها : قول ابن عباس رضي الله عنهما : تكون هذه الأشياء في البحر بنزول المطر ، والصدف تفتح أفواهها للمطر ، وقد شاهده الناس ، فيكون تولده من بحر السماء ، وبحر الأرض(١). وهذا قول الطبري (٢).
ومنها : أن العذب في الملح كاللقاح (٣) ، كما يقال : الولد يخرج من الذّكر والأنثى.
ومنها : أنه قيل : منهما من حيث هما نوع واحد ، فخروج هذه الأشياء إنما هي منهما ، كما قال تعالى : (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) [نوح : ١٦] وإنما هو في واحدة منهن.
وقال الزمخشري (٤) : «فإن قلت : لم قال : «منهما» ، وإنما يخرجان من الملح؟
قلت : لما التقيا ، وصارا كالشيء الواحد ، جاز أن يقال : يخرجان منهما كما يقال : يخرجان من البحر ، ولا يخرجان من جميع البحر ، وإنما يخرجان من بعضه ، وتقول : خرجت من البلد ، وإنما خرجت من محلّة واحدة من محاله ، بل من دار واحدة من دوره ، وقيل : لا يخرجان إلّا من ملتقى الملح والعذب». انتهى.
وقال بعضهم : كلام الله أولى بالاعتبار من كلام بعض النّاس ، فمن الجائز أن يسوقها من البحر العذب إلى الملح ، واتفقوا أنهم لم يخرجوها إلا من الملح ، وإذا كان في البر أشياء تخفى على التّجّار المترددين القاطعين المفاوز ، فكيف بما هو في قعر البحر؟.
فالجواب عن هذا : أن الله لا يخاطب الناس ، ولا يمنن عليهم إلا بما يألفون ، ويشاهدون(٥).
و «اللؤلؤ» : قيل : كبار الجوهر ، والمرجان : صغاره. قاله علي ، وابن عباس ، والضحاك رضي الله عنهم (٦).
وقيل بالعكس ، وأنشدوا قول الأعشى رحمهالله : [البسيط]
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٥٩٠) عن ابن عباس بمعناه.
(٢) ينظر : جامع البيان ١١ / ٥٩٠.
(٣) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٤٠.
(٤) ينظر : الكشاف ٤ / ٤٤٥ ، ٤٤٦ ، والبحر المحيط ٨ / ١٩٠ ، والدر المصون ٦ / ٢٤٠.
(٥) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٤٠ ، والبحر المحيط ٨ / ١٩٠.
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٥٨٨) عن ابن عباس وقتادة والضحاك وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٩٥) وزاد نسبته إلى الفريابي وهناد بن السري وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس.
وذكره أيضا عن قتاد وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد.