ومنها الزينة وإن لم يكن نافعا كاللؤلؤ والمرجان ، كقوله تعالى : (وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها) [النحل : ١٤] ، فالله تعالى ذكر أنواع النعم الأربعة ، وصدرها بالنعمة العظيمة التي هي الروح وهو العلم بقوله : (عَلَّمَ الْقُرْآنَ) ، أو يقال : بأن المقصود منه عجائب الله لا بيان النعم ؛ لأن النعم سبق ذكرها فذكر خلق الإنسان من صلصال ، وخلق الجان من مارج من نار ، وهذان من العجائب الدّالة على القدرة ، لا من النعم.
واعلم أن الأركان أربعة : التراب والماء والهواء والنار ، فالله تعالى بيّن بقوله : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ) ، أن التراب أصل لمخلوق عجيب ، وبين بقوله : (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ) ، أن النار أيضا أصل لمخلوق عجيب ، وبين بقوله : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) أن الماء أصل لمخلوق آخر كالحيوان عجيب ، بقي الهواء لكنه غير محسوس ، فلم يذكر أنه أصل مخلوق ، لكن بين كونه منشئا للجواري التي في البحر كالأعلام.
فقال : (وَلَهُ الْجَوارِ).
العامة على كسر «الراء» ؛ لأنه منقوص على «مفاعل» (١) والياء محذوفة لفظا لالتقاء الساكنين (٢).
وقرأ عبد الله والحسن (٣) ، ويروى عن أبي عمرو : «برفع الراء تناسيا للمحذوف». ومنه: [الرجز]
٤٦٣٦ ـ لها بنات أربع حسان |
|
وأربع فثغرها ثمان (٤) |
وهذا كما قالوا : هذا شاك وقد تقدم تقرير هذا في الأعراف عند قوله : (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ).
قوله : (الْمُنْشَآتُ).
قرأ حمزة (٥) ، وأبو بكر بخلاف عنه بكسر الشّين ، بمعنى أنها تنشىء الموج بجريها ، أو تنشىء السير إقبالا وإدبارا ، أو التي رفعت شراعها ، والشّراع : القلاع.
وعن مجاهد : كل ما رفعت قلعها فهي من المنشآت ، وإلا فليست منها ونسبة الرّفع
__________________
(١) كذا هي في الأصل كما في الدر المصون ٦ / ٢٤١ والصواب «فواعل».
(٢) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٤١.
(٣) ينظر : الكشاف ٤ / ٤٤٦ ، والبحر المحيط ٨ / ١٩١ ، والدر المصون ٦ / ٢٤١ ، وإتحاف فضلاء البشر ٢ / ٥١٠ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٣٧.
(٤) يروى البيت «ثنايا» مكان «بنات».
ينظر الخزانة ٧ / ٣٦٥ ، وشرح الكافية ٢ / ١٥٢ ، والأشموني ٣ / ٥٢٧ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٧٤ ، والمقتصد في شرح الإيضاح لعبد القاهر الجرجاني ٢ / ١٠٣٠ ، واللسان (ثغر) ، والكشاف (٤ / ٤٦).
(٥) ينظر : السبعة ٦٢٠ ، والحجة ٦ / ٢٤٨ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٣٧ ، والعنوان ١٨٤ ، وحجة القراءات ٦٩١ ، وشرح الطيبة ٦ / ٣٠ ، وشرح شعلة ٥٩٣ ، وإتحاف ٢ / ٥١٠.