وقال سعيد بن جبير وقتادة : المعنى تصير في حمرة الورد ، وجريان الدهن (١) ، أي : تذوب مع جريان الدهن حتى تصير حمراء من حرارة نار جهنم ، وتصير مثل الدهن لرقّتها وذوبانها.
وقيل : الدهان : الجلد الأحمر الصرف. ذكره أبو عبيدة والفراء. أي : تصير السماء كالأديم لشدّة حر نار جهنم.
وعن ابن عباس : المعنى : فكانت كالفرس الورد في الربيع كميت أصفر ، وفي الشتاء كميت أحمر ، فإذا اشتد الشتاء كان كميتا أغبر.
وقال الفراء : أراد الفرس الوردة ، تكون في الربيع وردة إلى الصّفرة ، فإذا اشتد البرد كانت وردة ؛ فإذا كان بعد ذلك كانت وردة إلى الغبرة ، فشبه تلوّن السماء بتلوّن الورد من الخيل.
وقال الحسن : «كالدّهان» أي : كصبّ الدهن ، فإنك إذا صببته ترى فيه ألوانا.
وقال زيد بن أسلم : المعنى : أنها تصير كعكر الزيت.
وقيل : المعنى أنها تمر وتجيء.
قال الزجاج : أصل الواو والراء والدال للمجيء والإتيان.
وهذا قريب مما تقدم من أن الفرس الوردة تتغير ألوانها ، والورد أيضا : يطلق على الأسد.
وقال قتادة : إنها اليوم خضراء ، وسيكون لها لون أحمر (٢). حكاه الثعلبي.
قال الماوردي : وزعم المتقدمون أن أصل لون السّماء الحمرة ، وأنها لكثرة الحوائل وبعد المسافة يرى لونها أزرق ، وشبهوا ذلك بعروق البدن ، وهي حمراء حمرة الدم ، وترى بالحائل زرقاء ، فإن كان هذا صحيحا ، فإنّ السماء لقربها من النّواظر يوم القيامة ، وارتفاع الحواجز ترى حمراء ؛ لأنها أصل لونها. والله أعلم.
قوله تعالى : (فَيَوْمَئِذٍ) التنوين عوض من الجملة ، أي : فيومئذ انشقّت السّماء ، والفاء في «فيومئذ» جواب الشرط.
وقيل : هو محذوف ، أي : فإذا انشقت السّماء رأيت أمرا مهولا ونحو ذلك.
والهاء في «ذنبه» تعود على أحد المذكورين ، وضمير الآخر مقدر ، أي : ولا يسأل عن ذنبه جانّ أيضا ؛ وناصب الظرف «لا يسأل» و «لا» غير مانعة.
__________________
(١) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٢٧٢).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٥٩٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٩٩) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وابن المنذر وعبد بن حميد.