تطرف طرفا ، يقال : ما فيها عين تطرف ، ثم سميت العين بذلك ، فأدى عن الواحد والجمع ، كقولهم : «قوم عدل ، وصوم». قاله القرطبي (١).
واعلم أن هذا الترتيب في غاية الحسن (٢) ؛ لأنه بيّن أولا المسكن وهو الجنة ، ثم بين ما يتنزّه به وهو البستان ، والأعين الجارية ، ثم ذكر المأكول ، فقال : (فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ) ، ثم ذكر موضع الرّاحة بعد الأكل وهو الفرش ، ثم ذكر ما يكون في الفراش معه.
قال ابن الخطيب (٣) : وقوله : (قاصِراتُ الطَّرْفِ).
أي : نساء أو أزواج ، فحذف الموصوف لنكتة وهو أنه ـ تعالى ـ لم يذكرهنّ باسم الجنس ، وهو النساء بل بالصفات ، فقال : (وَحُورٌ عِينٌ) [الواقعة : ٢٢] ، (وَكَواعِبَ أَتْراباً) [النبأ : ٣٣] (قاصِراتُ الطَّرْفِ ، حُورٌ مَقْصُوراتٌ) [الرحمن : ٧٢] ولم يقل : نساء عربا ، ولا نساء قاصرات ، لوجهين :
إما على عادة العظماء كبنات الملوك إنما يذكر بأوصافهنّ ، وإما لأنهن لما كملن كأنهن خرجن من جنسهن.
وقوله تعالى : (قاصِراتُ الطَّرْفِ) يدل على عفّتهن ، وعلى حسن المؤمنين في أعينهن ، فيحببن أزواجهن حبّا يشغلهنّ عن النّظر إلى غيرهم ، ويدل أيضا على الحياء ؛ لأن الطرف حركة الجفن ، والحييّة لا تحرك جفنها ، ولا ترفع رأسها.
قوله تعالى : (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ).
هذه الجملة يجوز أن تكون نعتا ل «قاصرات» ، لأن إضافتها لفظية ، كقوله تعالى : (هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا) [الأحقاف : ٢٤].
وقوله : [البسيط]
٤٦٥٨ ـ يا ربّ غابطنا لو كان يطلبكم |
|
..........(٤) |
وأن يكون حالا لتخصيص النكرة بالإضافة.
واختلف في هذا الحرف والذي بعده عن الكسائي ، فنقل عنه أنه يجيء في ضم أيهما شاء.
ونقل عنه الدوري ضم الأول فقط.
ونقل عنه أبو الحارث : ضم الثاني فقط ، وهما لغتان.
يقال : طمثها يطمثها ويطمثها إذا جامعها (٥) ، لما روى أبو إسحاق السبيعي قال :
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١١٧.
(٢) ينظر : الرازي ٢٩ / ١١٢.
(٣) السابق ٢٩ / ١١٣.
(٤) تقدم.
(٥) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٤٨.