و «النّضد» : هو الرّص ، و «المنضود» : المرصوص.
قال مسروق : أشجار الجنة من عروقها إلى أفنانها نضيدة ، ثمر (١) كله كلما أكلت ثمرة عاد مكانها أحسن منها.
قوله : (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ).
أي : دائم باق لا يزول ، ولا تنسخه الشمس (٢) ، كقوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) [الفرقان : ٤٥].
وذلك بالغداة ، وهي ما بين الإسفار إلى طلوع الشمس ، والجنة كلها ظل لا شمس معه.
قال ابن الخطيب (٣) : إنّ الشمس إذا كانت تحت الأرض يقع ظلها في الجو ، فيتراكم الظل فيسودّ وجه الأرض ، وإذا كانت الشمس في أحد جانبي الأرض من الأفق ، فينبسط الظل على وجه الأرض ، فيضيء الجو ولا يسود وجه الأرض ، فيكون في غاية الطيبة ، فقوله : (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) أي : كالظل بالليل ، وعلى هذا فالظل ليس ظل الأشجار ، بل ظل يخلقه الله تعالى.
وقال الربيع بن أنس : يعني ظل العرش (٤).
وقال عمرو بن ميمون : مسيرة سبعين ألف سنة (٥).
وقال أبو عبيدة : تقول العرب للدهر الطويل [والعمر الطويل](٦) والشيء الذي لا ينقطع: ممدود.
قال الشاعر : [الكامل]
٤٦٨٩ ـ غلب العزاء وكنت غير مغلّب |
|
دهر طويل دائم ممدود (٧) |
وفي «صحيح الترمذي» وغيره عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : في الجنّة شجرة يسير الرّاكب في ظلّها مائة عام ، لا يقطعها ، اقرءوا إن شئتم : (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ)(٨).
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٧ / ١٣٥) عن مسروق.
(٢) ينظر : القرطبي (١٧ / ١٣٥).
(٣) ينظر تفسير الفخر الرازي ٢٩ / ١٤٣.
(٤) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٧ / ١٣٥) عن مسروق.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٣٧) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٢٣) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر. ووقع في «تفسير الطبري» خمسمائة ألف سنة.
(٦) سقط من ب.
(٧) البيت «للبيد بن ربيعة» ويروى «غلب البقاء» مكان «غلب العزاء» ينظر ديوانه ص ٤٧ ، ومجاز القرآن ٢ / ٢٥٠ ، والطبري ٢٧ / ١٠٤ ، والقرطبي ١٧ / ١٣٥ وفتح القدير ٥ / ١٥٢.
(٨) أخرجه البخاري (٦ / ٣٦٧) كتاب بدء الخلق ، باب : ما جاء في صفة الجنة حديث (٣٢٥١) ومسلم (٤ / ٢١٧٥) كتاب الجنة وصفة نعيمها ، باب : إن في الجنة شجرة (٨ / ٢٨٢٧) والترمذي (٤ / ٥٧٩) ـ