والثاني : هو معطوف على «فاكهة» ، و «لا» عاطفة. قاله أبو البقاء (١).
وحينئذ لا بد من حذف موصوف ، أي : لا فاكهة مقطوعة ، لئلّا تعطف الصفة على موصوفها.
والمعنى (٢) : ليست كفواكه الدّنيا تنقطع في أوقات كثيرة ، وفي كثير من المواضع ، (وَلا مَمْنُوعَةٍ) أي : لا تمنع من الناس لغلوّ أثمانها.
وقيل : لا يحظر عليها كثمار الدنيا.
وقيل : لا تمنع من أرادها بشوك ، ولا بعد ولا حائط ، بل إذا اشتهاها العبد دنت منه حتى يأخذها ، قال تعالى : (وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً).
قوله : (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ).
العامة : على ضم الراء ، جمع : «فراش».
وأبو حيوة (٣) : بسكونها ، وهي مخففة من المشهورة.
و «الفرش» : قيل : هي الفراش المعهودة ، مرفوعة على الأسرة.
وقيل : هي كناية عن النساء كما كنى عنهن باللّباس ، أي : ونساء مرتفعات الأقدار في حسنهن وكمالهن ، والعرب تسمي المرأة فراشا ولباسا وإزارا ، قاله أبو عبيدة وغيره.
قالوا : ولذلك أعاد الضمير عليهن [في قوله](٤) : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ).
وأجاب غيرهم بأنه عائد على النساء الدّال عليهن الفراش.
وقيل : يعود على الحور المتقدمة (٥).
وعن الأخفش : «هنّ» ضمير لمن لم يجر له ذكر ، بل يدل عليه السياق.
وقيل : مرفوعة القدر ، يقال : ثوب رفيع أي : [عزيز](٦) مرتفع القدر والثمن ، بدليل قوله تعالى : (مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ) فكيف ظهائرها؟ وقيل : مرفوعة بعضها فوق بعض (٧).
وروى التّرمذي عن أبي سعيد عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله تعالى : (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) قال : «ارتفاعها كما بين السّماء والأرض مسيرة خمسمائة عام» قال : حديث غريب (٨).
__________________
(١) ينظر : الإملاء ٢ / ١٢٠٤.
(٢) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٣٦.
(٣) ينظر : الكشاف ٤ / ٤٦١ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٢٤٤ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٠٦ ، والدر المصون ٦ / ٢٥٩.
(٤) في ب : لذلك قال.
(٥) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٥٩.
(٦) في ب : رفيع.
(٧) ينظر : التفسير الكبير ٢٩ / ١٤٥.
(٨) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٤٠) وابن حبان (٢٦٢٨ ـ موارد) والترمذي (٢٥٤٣) وأحمد (٣ / ٧٥) والبيهقي في «البعث» رقم (٣١١) وأبو نعيم في «صفة الجنة» رقم (٣٥٧) من طريق دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد مرفوعا. ـ