قوله : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ).
قيل : الضّمير يعود (على) (١) الحور العين ، أي : خلقناهن من غير ولادة.
وقيل : المراد نساء بني آدم خلقناهنّ خلقا جديدا ، وهو الإعادة ، أي أعدناهنّ إلى حال الشّباب ، وكمال الجمال ، ويرجحه قوله : (فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً) لأن المخلوقة ابتداء معلوم أنها بكر.
والمعنى أنشأنا العجوز والصّبية إنشاء ، وأخرن ، ولم يتقدم ذكرهنّ ؛ لأنّهن قد دخلن في أصحاب اليمين ، ولأن الفرش كناية عن النساء كما تقدم (٢).
وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله تعالى : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) قال : «منهنّ البكر والثّيّب» (٣).
وروى النحاس بإسناده عن أم سلمة سألت النبي صلىاللهعليهوسلم عن قوله تعالى : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً) ، فقال : «يا أمّ سلمة ، هنّ اللّواتي قبضن في الدّنيا عجائز ، شمطا ، عمشا ، رمصا ، جعلهنّ الله بعد الكبر أترابا على ميلاد واحد في الاستواء»(٤).
وروى أنس بن مالك ، يرفعه في قوله : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) قال : «هنّ العجائز العمش ، الرّمص ، كنّ في الدّنيا عمشا رمصا» (٥).
وعن المسيب بن شريك : قال النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله تعالى : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً) ، قال : «هنّ عجائز الدّنيا ، أنشأهنّ الله تعالى خلقا جديدا ، كلّما أتاهنّ أزواجهنّ وجدوهنّ أبكارا» فلما سمعت عائشة بذلك قالت : واوجعاه ، فقال النبيصلىاللهعليهوسلم : «ليس هناك وجع» (٦).
__________________
ـ وقال الترمذي : هذا حديث غريب.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٢٤) وزاد نسبته إلى ابن أبي الدنيا في «صفة الجنة» وابن أبي حاتم والروياني وأبي الشيخ في «العظمة».
(١) في ب : إلى.
(٢) ينظر ؛ القرطبي ١٧ / ١٣٦.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٤٠) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٢٤) وزاد نسبته إلى الطيالسي وابن أبي الدنيا والطبراني وابن مردويه وابن قانع والبيهقي في «البعث» من حديث سلمة بن يزيد الجعفي.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٤١).
(٥) أخرجه الترمذي (٣٢٩٦) والطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٤٠) من طريق موسى بن عبيدة عن يزيد بن أبان عن أنس مرفوعا.
وقال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث موسى بن عبيدة وموسى بن عبيدة ويزيد بن أبان الرقاشي يضعفان في الحديث.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٢٤) وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد وهناد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في «البعث».
(٦) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٢٨٣) عن المسيب بن شريك.