وعنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال : «من مات من أهل الجنّة من صغير وكبير دون بني
ثلاثين سنة في الجنّة ، لا يزيدون عليها أبدا ، وكذلك أهل النّار»
قوله : (لِأَصْحابِ الْيَمِينِ).
في هذه «اللام» وجهان :
أحدهما : أنها متعلقة ب «أنشأناهنّ» أي لأجل أصحاب اليمين.
والثاني : أنها متعلقة ب «أترابا» كقولك : هذا ترب لهذا ، أي : مساو له.
وقيل : الحور العين : للسّابقين ، والأتراب العرب : لأصحاب اليمين.
قوله : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ، وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ).
رجع الكلام إلى قوله تعالى : (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ) أي هم ثلة من الأولين ، وثلة من الآخرين ، وقد مضى الكلام في معناه.
وقال أبو العالية ، ومجاهد ، وعطاء بن أبي رباح والضحاك : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ) يعني : من سابقي هذه الأمة ، (وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) من هذه الأمة من آخرها (٢).
بدليل ما روي عن ابن عباس في هذه الآية : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ، وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «جميعا من أمّتي» (٣).
وقال الواحدي : «أصحاب الجنة نصفان : نصف من الأمم الماضية ، ونصف من هذه الأمة». ويرد هذا ما روى ابن ماجه في «سننه» والترمذي في «جامعه» عن بريدة بن الحصيب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أهل الجنّة عشرون ومائة صنف ، ثمانون منها من هذه الأمّة ، وأربعون من سائر الأمم» (٤).
قال الترمذي : هذا حديث حسن.
و «ثلّة» رفع على الابتداء ، أو على حذف خبر حرف الصفة ، ومجازه : لأصحاب اليمين ثلّتان : ثلّة من هؤلاء ، وثلّة من هؤلاء.
__________________
ـ وأخرجه أحمد (٢ / ٢٩٥) من حديث أبي هريرة. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٤٨) وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في صفة الجنة والطبراني في الكبير.
(١) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (٢ / ١٢٨) ومن طريقه البغوي في «تفسيره» (٤١ / ٢٨٤) من طريق دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد. وذكره المتقي الهندي في «كنز العمال» (٣٩٣٤٤) وعزاه إلى الترمذي.
(٢) ينظر تفسير القرطبي (١٧ / ١٣٧).
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٤٦) وابن عدي في «الكامل» (١ / ٣٧١) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٢٧) وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس بسند ضعيف.
(٤) أخرجه الترمذي (٢٥٤٦) وابن ماجه (٤٢٨٩) وأحمد (٥ / ٣٤٧) والدارمي (٢ / ٣٣٧) والحاكم (١ / ٨٢) وابن المبارك في الزهد (٥٨٤) من حديث بريدة بن الحصيب.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن.