فهو من باب إضافة الشيء إلى نفسه عند الكوفيين ، وإن كانوا فعلوا ذلك في اللفظ الواحد ، فقالوا : صواب الصواب ، ونفس النفس مبالغة ، فلأن يفعلوا عند اختلاف اللفظ أولى(١).
وعند البصريين بمعنى : حق الأمر اليقين ، أو الخبر اليقين.
وقيل : هو توكيد ، كقولك : حق الحق ، وصواب الصواب. قاله ابن عطية.
وقيل : أصل اليقين أن يكون نعتا للحق فأضيف المنعوت إلى النّعت على الاتّساع والمجاز ، كقوله تعالى : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) [النحل : ٣٠].
قال ابن الخطيب (٢) : «هذه الإضافة كقولك : ثوب كتان ، وباب ساج بمعنى ثوب من
كتان ، وباب من ساج ، أي : لهو الحق من اليقين».
ويحتمل أن يكون المعنى : أنه الحق الذي يستحقه اليقين ، كقوله عليه الصلاة والسلام : «أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا : لا إله إلّا الله ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلّا بحقّها» (٣).
فالضمير يرجع إلى الكلمة ، أي : إلا بحق الكلمة ، ومن حق الكلمة أداء الزكاة والصلاة ، فكذلك حق اليقين ، بالاعتراف ، أي : بحق اليقين.
والمعنى : أنه يعترف بما قال الله ـ تعالى ـ في سورة «الواقعة» ، وفي حق الأزواج الثلاثة ، وعلى هذا المعنى إن اليقين لا يحق إلّا إذا صدق بما قاله ، فالتصديق حق اليقين الذي يستحقه.
قوله : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ).
أي : نزّه الله ـ تعالى ـ عن السّوء (٤).
و «الباء» يجوز أن تكون للحال ، أي : فسبّح ملتبسا باسم ربّك على سبيل التبرك كقوله : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ) [البقرة : ٣٠] ، وأن تكون للتعدية على أن «سبح» يتعدى بنفسه تارة ، كقوله : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ) [من سورة الأعلى : ١] وبحرف الجر تارة كهذه الآية (٥).
وقال القرطبي (٦) : «والباء زائدة ، أي : سبح اسم ربك».
وادعاء زيادتها خلاف الأصل.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٧١ ، والقرطبي ١٧ / ١٥١ ، ١٥٢.
(٢) ينظر : التفسير الكبير ٢٩ / ١٧٧.
(٣) تقدم.
(٤) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٥٢.
(٥) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٧١.
(٦) الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١٥٢.