وقيل : معناه : سلمت أيها العبد ممّا تكره ، فإنك من أصحاب اليمين فحذف إنك.
وقيل : إنه يحيّا بالسلام إكراما.
فعلى هذا في محل السلام ثلاثة أقاويل :
أحدها : عند قبض روحه في الدنيا يسلم عليه ملك الموت. قاله الضحاك.
قال ابن مسعود : إذا جاء ملك الموت لقبض روح المؤمن ، قال : ربك يقرئك السلام.
الثاني : عند مساءلته في القبر يسلّم عليه منكر ونكير.
الثالث : عند بعثه في القيامة يسلم عليه الملك قبل وصوله إليها.
قال القرطبي (١) : «ويحتمل أن يسلم عليه في المواطن الثلاثة ، ويكون ذلك إكراما بعد إكرام».
قوله : (وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ) بالبعث «الضّالين» عن الهدى ، وطريق الحق (فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ) كما قال : (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ لَآكِلُونَ) إلى أن قال : (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ) [الصافات : ٦٧].
قوله : (وَتَصْلِيَةُ).
قرأ أبو عمرو في (٢) رواية الؤلؤي عنه ، وأحمد بن موسى ، والمنقري : بجر التاء عطفا على «حميم» ، أي : ونزل من تصلية جحيم.
والمعنى : إدخال في النّار.
وقيل : إقامة في الجحيم ، ومقاساة لأنواع عذابها.
يقال : أصلاه النّار وصلاه ، أي : جعله يصلاها.
والمصدر هنا أضيف إلى المفعول ، كما يقال : لفلان إعطاء مال ، أي : يعطي المال.
قوله : (إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ).
أي : هذا الذي قصصناه محض اليقين وخالصه (٣).
وجاز إضافة الحق إلى اليقين ، وهما واحد لاختلاف لفظهما ، وذلك من باب إضافة المترادفين على سبيل المبالغة.
قال المبرد : هو كقولك : عين اليقين وحق اليقين.
__________________
(١) السابق.
(٢) ينظر : الكشاف ٤ / ٤٧٠ ، والبحر المحيط ٨ / ٢١٥ ، والدر المصون ٦ / ٢٧١.
(٣) ينظر : القرطبي ١٧ / ٢٦١.