قوله : «ذلك الفوز» هذه الإشارة عائدة إلى جميع ما تقدم من النور والبشرى بالجنّات المخلدة.
قوله : (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ).
العامل في «يوم» (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
وقيل : «هو بدل من اليوم الأول».
وقال ابن الخطيب (١) منصوب ب «اذكر» مقدّرا.
واعلم أنه لما شرح حال المؤمنين في موقف القيامة أتبع ذلك بشرح حال المنافقين ، فقال : يوم يقول.
قوله : (لِلَّذِينَ آمَنُوا). «اللام» للتبليغ.
و (انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) قراءة العامة : «انظرونا أمر من النّظر».
وحمزة : «أنظرونا» (٢) بقطع الهمزة ، وكسر الظّاء من الإنظار بمعنى الانتظار.
وبها قرأ الأعمش ، ويحيى بن وثّاب (٣) ، أي : انتظرونا لنلحق بكم ، فنستضيء بنوركم. والقراءة الأولى يجوز أن تكون بمعنى هذه ، إذ يقال (٤) : نظره بمعنى انتظره ، وذلك أنّه يسرع بالخواص على نجب إلى الجنة ، فيقول المنافقون : انتظرونا لأنّا مشاة لا نستطيع لحوقكم ، ويجوز أن يكون من النظر وهو الإبصار ؛ لأنهم إذا نظروا إليهم استقبلوهم بوجوههم ، فيضيء لهم المكان ، وهذا أليق بقوله : (نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ). قال معناه الزمخشري (٥).
إلّا أن أبا حيان قال (٦) : إن النّظر بمعنى الإبصار لا يتعدى بنفسه إلا في الشّعر ، إنما يتعدى ب «إلى».
قوله : (نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) أي : نستضيء من نوركم.
و «القبس» : الشعلة من النار أو السّراج.
قال ابن عبّاس وأبو أمامة : يغشى الناس يوم القيامة ظلمة (٧).
__________________
(١) التفسير الكبير ٢٩ / ١٩٥.
(٢) ينظر : السبعة ٦٢٦ ، والحجة ٦ / ٢٦٩ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٥٠ ، وحجة القراءات ٦٩٩ ، والعنوان ١٨٦ ، وشرح شعلة ٥٩٨ ، وشرح الطيبة ٦ / ٣٩ ، وإتحاف ٢ / ٥٢١.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٦٢ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٢٠ ، والقرطبي ١٧ / ١٥٩.
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٧٦.
(٥) ينظر : الكشاف ٤ / ٤٧٥.
(٦) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٢٠.
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٧٧) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٥١) وزاد نسبته إلى ابن مردويه والبيهقي في «البعث» عن ابن عباس.