عداه إمّا بيّن الثبوت ككونه ابن العم والنّاصر ، أو بيّن الانتفاء كالمعتق ، والمعتق ، فيكون على التقدير الأول عبثا ، وعلى الثاني كذبا.
قال ابن الخطيب (١) رحمهالله : وأما نحن فقد بيّنا بالدليل أن قول هؤلاء في هذا الموضع معنى لا تفسير ، وحينئذ يسقط الاستدلال به.
وفي الآية وجه آخر ، وهو أن معنى قوله : (هِيَ مَوْلاكُمْ) أي : لا مولى لكم ؛ لأن من كانت النار مولاه ، فلا مولى له ، كما يقال : ناصره الخذلان ومعينه البكاء ، أي : لا ناصر له ولا معين ، وهذا متأكد بقوله تعالى : (وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) [محمد : ١١] ، ومنه قوله تعالى : (يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ) [الكهف : ٢٩].
وقوله : (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) أي : هي ، ومعناه (٢) : ساءت مرجعا ومصيرا.
قوله : (أَلَمْ يَأْنِ).
قرأ العامة : «ألم». وقرأ الحسن (٣) وأبو السمال : «ألمّا».
وأصلها «ألم» زيدت عليها «ما» ، فهي نفي كقول القائل : قد كان كذا ، و «لم» نفي ، كقوله : قد كان كذا.
وقوله : (أَنْ تَخْشَعَ). فاعل «يأن» ، أي : ألم يقرب خشوع قلوبهم ويحين (٤) ؛ قال الشاعر : [الطويل]
٤٧٢٠ ـ ألم يأن لي يا قلب أن أترك الجهلا |
|
وأن يحدث الشّيب المبين لنا عقلا (٥) |
وماضيه «أنى» بالقصر «يأني».
ويقال : «آن لك ـ بالمد ـ أن تفعل كذا ، يئين أينا» أي : مثل «أنى لك» وهو مقلوب منه.
وأنشد ابن السّكّيت : [الطويل]
٤٧٢١ ـ ألمّا يئن لي أن تجلّى عمايتي |
|
وأقصر عن ليلى بلى قد أنى ليا (٦) |
فجمع بين اللغتين.
وقرأ العامة : «يأن» مضارع «أنى» أي : حان وقرب ، مثل رمى يرمي.
__________________
(١) التفسير الكبير ٢٩ / ١٩٩.
(٢) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٦١.
(٣) وروي عن الحسن أنه قرأ «ألم يين» ، ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٦٤ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٢٢ ، والدر المصون ٦ / ٢٧٧ ، والقرطبي ١٧ / ١٦١ ، وإتحاف ٢ / ٥٢٢.
(٤) ينظر : القرطبي (السابق).
(٥) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٦١.
(٦) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٦١.