قوله : (وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ) يجوز فيه وجهان (١) :
أظهرهما : أنه عطف على «تجادلك» فهي صلة أيضا.
والثاني : أنها في موضع نصب على الحال ، أي : تجادلك شاكية حالها إلى الله.
وكذا الجملة من قوله : (وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما) والحالية فيها أبعد.
و «شكا» و «اشتكى» بمعنى واحد.
و «المحاورة» : المراجعة في الكلام ، حار الشيء يحور حورا ، أي : رجع يرجع رجوعا.
ومنه : «نعوذ بالله من الحور بعد الكور» ، وكلمته فما أحار بكلمة ، أي : فما أجاب.
(إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ). أي : يسمع كلام من يناديه ، ويبصر من يتضرع إليه (٢).
قوله : (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ) تقدم الخلاف في «تظاهرون» في سورة «الأحزاب» (٣) ، وكذا
في (إِلَى) [الأحزاب : ٤].
وقرأ أبيّ هنا (٤) : «يتظاهرون».
وعنه أيضا : «يتظهرون».
وفي «الذين» وجهان (٥) :
أحدهما : أنه مبتدأ ، وخبره : قوله (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ).
الثاني : أنه منصوب ب «بصير» على مذهب سيبويه في جواز إعمال «فعيل» قاله مكي (٦).
يعنى : أن سيبويه يعمل «فعيلا» من أمثلة المبالغة ، وهو مذهب مطعون فيه على سيبويه ؛ لأنه استدلّ على إعماله بقول الشاعر : [البسيط]
٤٧٢٩ ـ حتّى شآها كليل موهنا عمل |
|
باتت طرابا وبات اللّيل لم ينم (٧) |
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٨٤.
(٢) الفخر الرازي ٢٩ / ٢١٨.
(٣) سورة الأحزاب آية (٤).
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٧٣ ، والدر المصون ٦ / ٢٨٤ ، والقرطبي ١٧ / ١٧٧.
(٥) الدر المصون ٦ / ٢٨٤.
(٦) ينظر : المشكل ٢ / ٧٢١.
(٧) قائل البيت هو ساعدة بن جؤية الهذلي.
ينظر خزانة الأدب ٨ / ١٥٥ ، ١٥٨ ، ١٦٤ ، وشرح أشعار الهذليين ٣ / ١١٢٩ ، وشرح المفصل ٦ / ٧٢ ، ٧٣ ، والكتاب ١ / ١١٤ ، والمنصف ٣ / ٧٦ ، والمقتضب ٢ / ١١٥ ، والمقرب ١ / ١٢٨ ، واللسان (عمل) ، و (شأى) ، و (أنق) ، رصف المباني ٣ / ٧٦ ، حاشية يس ٢ / ٦٨ ، ومغني اللبيب ص ٤٣٥ ، والإيضاح الشعري للفارسي ص ٥٠٣ ، والدر المصون ٦ / ٢٨٤.