الثالث : أن الطلاق الرّجعي لا ينافي البقاء على الملك ، فلم يسقط حكم الظّهار كالإيلاء.
وقال مكي (١) : «واللام متعلقة ب «يعودون» أي : يعودون لوطء المقول فيه الظهار ، وهن الأزواج ف «ما» والفعل مصدر ، أي : لقولهم ، والمصدر في موضع المفعول به ، نحو : «هذا درهم ضرب الأمير» أي : مضروبه ، فيصير المعنى ، كقولهم للمقول فيه الظّهار ، أي : لوطئه».
وهذا معنى قول الزمخشري في الوجه الثالث الذي تقدم تقريره عن الحسن ، والزهري ، ومالك إلّا أن مكيّا قيد ذلك بكون «ما» مصدرية حتى يقع المصدر المؤول موضع اسم المفعول ، وفيه نظر ؛ إذ يجوز ذلك وإن كانت «ما» غير مصدرية لكونها بمعنى «الذي» ونكرة موصوفة ، بل جعلها غير مصدرية أولى ؛ لأن المصدر المؤول فرع المصدر الصريح ، إذ الصريح أصل للمؤول به ، ووضع المصدر موضع اسم المفعول خلاف الأصل ، فيلزم الخروج عن الأصل بشيئين : بالمصدر المؤول ، ثم وقوعه موقع اسم المفعول ، والمحفوظ من لسانهم إنما هو وضع المصدر الصّريح موضع المفعول لا المصدر المؤول فاعرفه.
لا يقال : إن جعلها غير مصدرية يحوج إلى تقدير حذف مضاف ليصحّ المعنى ، أي : يعودون لوطء الذي ظاهر منها ، أو امرأة ظاهر منها ، أو يعودون لإمساكها.
والأصل : عدم الحذف ؛ لأن هذا مشترك الإلزام لنا ولكم ، فإنكم تقولون أيضا : لا بد من تقدير مضاف ، أي : يعودون لوطء أو لإمساك المقول فيه الظهار ، ويدل على جواز كون «ما» في هذا الوجه غير مصدرية ما أشار إليه أبو البقاء ، فإنه قال (٢) : يتعلق ب «يعودون» بمعنى يعودون للقول فيه ، هذا إن جعلت «ما» مصدرية ، ويجوز أن تجعلها بمعنى «الذي» ونكرة موصوفة.
الثاني : أن «اللام» تتعلق ب «تحرير» ، وفي الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير : والذين يظاهرون من نسائهم فعليهم تحرير رقبة لما نطقوا به من الظّهار ، ثم يعودون للوطء بعد ذلك. وهذه ما نقله مكي وغيره عن الأخفش.
قال أبو حيّان (٣) : «وليس بشيء ؛ لأنه يفسد نظم الآية».
وفيه نظر ؛ لأنا لا نسلم فساد النظم مع دلالة المعنى على التقديم والتأخير ، ولكن وفيه نظر ؛ لأنا لا نسلم فساد النظم مع دلالة المعنى على التقديم والتأخير ، ولكن
__________________
(١) ينظر المشكل ٢ / ٧٢١.
(٢) ينظر : التبيان ص ١٢١٢ ، والدر المصون ٦ / ٢٨٦.
(٣) البحر المحيط ٨ / ٢٣٢.