يزيد بن رومان ، وقتادة وغيرهما ، ونحوه عن مالك رضي الله عنه.
وقال بعضهم : ما غنمتم بصلح من غير إيجاف خيل ، ولا ركاب ، فيكون لمن سمى الله تعالى فيه فيئا ، الأول للنبي صلىاللهعليهوسلم خاصة إذا أخذ منه حاجته كان الباقي في مصالح المسلمين.
وقال معمر رضي الله عنه : الأولى : للنبي صلىاللهعليهوسلم. والثانية : هي الجزية والخراج للأصناف المذكورة فيه. والثالثة : الغنيمة في سورة «الأنفال» للغانمين.
وقال الشافعي رضي الله عنه وبعض العلماء : إنّ معنى الآيتين واحد ، أي : ما حصل من أموال الكفار بغير قتال قسم على خمسة أسهم ، أربعة منها لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ويقسم الخمس الباقي على خمسة أسهم ؛ سهم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم أيضا ، وسهم لذوي القربى ، وهم بنو هاشم ، وبنو المطلب ؛ لأنّهم منعوا الصدقة ، فجعل لهم حق في الفيء. وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لأبناء السبيل.
وأما بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوسلم فالذي كان من الفيء لرسول الله صلىاللهعليهوسلم يصرف عند الشافعي ـ رضي الله عنه ـ في قول إلى المجاهدين المترصّدين للقتال في الثّغور ؛ لأنهم القائمون مقام الرسولصلىاللهعليهوسلم.
وفي قول آخر : يصرف إلى مصالح المسلمين من سد الثّغور ، وحفر الأنهار ، وبناء القناطر ، يقدم الأهم فالأهم ، وهذا في أربعة أخماس الفيء.
فأما السهم الذي كان له من خمس الفيء والغنيمة فهي لمصالح المسلمين بعد موته صلىاللهعليهوسلم بلا خوف ، كما قال صلىاللهعليهوسلم : «ليس لي من غنائمكم إلّا الخمس ، والخمس مردود فيكم».
وكذلك ما خلفه من المال غير موروث ، بل هو صدقة عنه يصرف في مصالح المسلمين ، لقوله صلىاللهعليهوسلم : «إنّا لا نورث ما تركناه صدقة».
وقيل : كان مال الفيء لنبيه صلىاللهعليهوسلم لقوله تعالى : (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) فأضافه إليه ، غير أنه كان لا يتأثّل مالا ، إنما كان يأخذ بقدر حاجة عياله ، ويصرف الباقي في مصالح المسلمين.
قال ابن العربي رحمهالله (١) : لا إشكال أنها ثلاثة معان في ثلاث آيات :
فالآية الأولى وهي قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) ، ثم قال تعالى : (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) يعني : من أهل الكتاب معطوفا عليهم (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) يريد ـ كما بينا ـ فلا حق لكم فيه ، ولذلك قال
__________________
(١) ينظر : أحكام القرآن ٤ / ١٧٧٢.