قوله تعالى : (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً).
قرأ هشام (١) : «تكون» بالتاء والياء ، «دولة» بالرفع فقط ، والباقون : بالياء ـ من تحت ـ ونصب «دولة» فأما الرفع فعلى أن «كان» تامّة ، وأما التذكير والتأنيث فواضحتان ؛ لأنه تأنيث مجازي.
وأما النصب فعلى أنها الناقصة ، واسمها ضمير عائد على الفيء ، والتذكير واجب لتذكير المرفوع ، و «دولة» خبرها (٢). وقيل «دولة» عائد على «ما» اعتبارا بلفظها.
وقرأ العامة : «دولة» بضم الدال.
وعلي بن أبي طالب (٣) ـ رضي الله عنه ـ والسلمي : بفتحها.
فقيل : هما بمعنى ، وهو قول عيسى بن عمر ، ويونس ، والأصمعي ، وهو ما يدول للإنسان ، أي : ما يدور من الجد والغنى والغلبة.
وقال الحذّاق من البصريين والكسائي : «الدّولة» ـ بالفتح ـ من الملك ـ بضم الميم ـ ، وبالضم من «الملك» ـ بكسرها ـ أو بالضم في المال ، وبالفتح في النّصرة.
وهذا يرده القراءة المروية عن علي والسلمي ، فإن النصرة غير مرادة قطعا ، و «كي لا» علة لقوله تعالى : (فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) أي : استقراره لكذا لهذه العلة (٤).
قال المبرد (٥) : الدولة اسم للشّيء الذي يتداوله القوم بينهم.
والدولة ـ بالفتح ـ انتقال حال سارة من قوم إلى قوم ، فالدّولة ـ بالضم ـ اسم لما يتداول ، وبالفتح مصدر من هذا ، ويستعمل في الحالة السارّة التي تحدث للإنسان ، فيقال : هذه دولة فلان ، أي قد أقبل ، والمعنى : كي لا يكون الفيء الذي حقه أن يعطى للفقراء ليكون لهم بلغة يعيشون بها واقعا في يد الأغنياء ودولة لهم.
والمعنى (٦) : فعلنا ذلك في هذا الفيء ، كي لا يقسمه الرؤساء والأغنياء والأقوياء بينهم دون الفقراء والضعفاء منها أيضا بعد المرباع ما شاء.
__________________
(١) ينظر : إعراب القراءات ٢ / ٣٥٧ ، والعنوان ١٨٨ ، وشرح الطيبة ٦ / ٤٧ ، وشرح شعلة ٦٠٠ ، وإتحاف ٢ / ٥٣٠ ، وهي قراءة أبي حيوة كما في القرطبي ١٨ / ١٢ ، وقراءة ابن مسعود كما في المحرر الوجيز ٥ / ٢٨٦.
(٢) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٩٤.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٨٦ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٤٤ ، والدر المصون ٦ / ٢٩٤ ، وزاد القرطبي ١٨ / ١٢ : أبا حيوة.
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٩٥.
(٥) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٤٨.
(٦) القرطبي ١٨ / ١٣.