الدنيا (وَرِضْواناً) في الآخرة أي : مرضاة ربهم (وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) في الجهاد (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) في فعلهم ذلك (١).
وروي أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ خطب ب «الجابية» ، فقال : من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبيّ بن كعب ، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت ، ومن أراد أن يسأل عن الفقه ، فليأت معاذ بن جبل ، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني ، فإن الله ـ تعالى ـ جعلني له خازنا وقاسما ، ألا وإنّي باد بأزواج النبي صلىاللهعليهوسلم فمعطيهنّ ، ثم بالمهاجرين الأولين أنا وأصحابي ، أخرجنا من «مكة» من ديارنا وأموالنا (٢).
قوله : (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ).
يعني : أنهم لما هجروا لذّات الدنيا ، وتحملوا شدائدها لأجل الدّين ظهر صدقهم في دينهم(٣).
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ).
يجوز في قوله : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ) وجهان (٤) :
أحدهما : أنه عطف على «الفقراء» فيكون مجرورا ، ويكون من عطف المفردات ، ويكون «يحبون» حالا.
والثاني : أن يكون مبتدأ ، خبره «يحبّون» ويكون حينئذ من عطف الجمل.
وفي قوله : (وَالْإِيمانَ). ستة أوجه :
أحدها : أنه ضمن «تبوّءوا» معنى لزموا ، فيصح عطف الإيمان عليه ، إذ الإيمان لا يتبوأ.
الثاني : أنه منصوب بمقدر ، أي : واعتقدوا ، أو وألفوا ، أو وأحبوا ، أو وأخلصوا ، كقوله: [الرجز]
٤٧٤٦ ـ علفتها تبنا وماء باردا |
|
.......... (٥) |
وقوله : [مجزوء الكامل]
٤٧٤٧ ـ .......... |
|
متقلّدا سيفا ورمحا (٦) |
الثالث : أنه يتجوّز في الإيمان ، فيجعل اختلاطه بهم وثباتهم عليه كالمكان المحيط
__________________
(١) ينظر القرطبي ١٨ / ١٥.
(٢) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٥ / ٥٠٥) ، عن علي بن رباح اللخمي عن عمر بن الخطاب.
(٣) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٤٩.
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٩٥.
(٥) تقدم.
(٦) تقدم.