العامة : على الخطاب ، وأبو حيوة : على الغيبة (١) ، على الالتفات.
(نَسُوا اللهَ) أي : تركوه (فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) أن يعملوا لها خيرا. قاله المقاتلان (٢).
وقيل : نسوا حق الله ، فأنساهم حق أنفسهم. قاله سفيان.
وقيل : (نَسُوا اللهَ) بترك ذكره وتعظيمه (فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) بالعذاب أن يذكر بعضهم بعضا. حكاه ابن عيسى (٣).
وقيل : قال سهل بن عبد الله : (نَسُوا اللهَ) عند الذنوب (فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) عند التوبة.
وقيل : «أنساهم أنفسهم» أي : أراهم يوم القيامة من الأحوال ما نسوا فيه أنفسهم ، كقوله تعالى : (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) [إبراهيم : ٤٣] ، (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) [الحج : ٢].
ونسب تعالى الفعل إلى نفسه في «أنساهم» إذ كان ذلك بسبب أمره ونهيه ، كقولك : أحمدت الرجل إذا وجدته محمودا.
وقيل : (نَسُوا اللهَ) في الرخاء (فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) في الشدائد.
(أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ). قال ابن جبير : العاصون (٤).
وقال ابن زيد : الكاذبون (٥) ، وأصل الفسق الخروج ، أي : الذين خرجوا عن طاعة الله(٦).
قوله تعالى : (لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ) أي : في الفضل والرتبة (٧) ، لما أرشد المؤمنين إلى ما هو مصلحتهم يوم القيامة (٨) ، بقوله : (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ)، وهدّد الكافرين بقوله : (كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) بين بهذه الآية الفرق بين الفريقين. واعلم أن الفرق بينهما معلوم بالضرورة ، وإنما ذكر الفرق في هذا الموضع للتنبيه على عظم ذلك الفرق (٩) ، ثم [قال : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ).
وهذا كالتفسير لنفي تساويهما.
و «هم» يجوز أن يكون فصلا ، وأن يكون مبتدأ ، فعلى الأول : الإخبار بمفرد ، وعلى الثاني : بجملة (١٠).
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٩١ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٤٩ ، والدر المصون ٦ / ٢٩٩.
(٢) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٥٣.
(٣) ينظر : القرطبي ١٨ / ٢٩.
(٤) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ٢٩).
(٥) ينظر المصدر السابق.
(٦) ينظر : القرطبي ١٨ / ٢٩.
(٧) ينظر القرطبي ١٨ / ٣٠.
(٨) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ١٥٣.
(٩) ينظر : السابق ٢٩ / ٢٥٤.
(١٠) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٩٩.