فيتخرج على أنه من القطع ، كأنه قال : أمدح المصور ، كقولهم : «الحمد لله أهل الحمد» بنصب أهل ؛ وقراءة من قرأ : الله رب العالمين بنصب «رب» (١).
قال مكي (٢) : و «المصور» «مفعّل» من «صوّر يصوّر» ، ولا يحسن أن يكون من «صار يصير» ، لأنه يلزم منه أن يقال : المصير ، بالياء».
وقيل : هذا من الواضحات ولا يقبله المعنى أيضا.
وقدم «البارىء» على «المصور» لأن إيجاد الذوات مقدّم على إيجاد الصفات (٣) ، فالتصوير مرتب على الخلق والبراية وتابع لهما ، ومعنى التصوير (٤) : التخطيط والتشكيل ، وخلق الله الإنسان في بطن أمه ثلاث خلق ، جعله علقة ثم مضغة ثم جعله صورة ، وهو التشكيل الذي يكون به ذا صورة يعرف بها ويتميز عن غيره ، فتبارك الله أحسن الخالقين. قوله : (لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) تقدم نظيره.
روى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : سألت خليلي أبا القاسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن اسم الله الأعظم ، فقال : «عليك بأواخر سورة الحشر ، فأكثر قراءتها» فأعدت عليه فأعاد عليّ(٥).
وقال جابر بن زيد : إنّ اسم الله الأعظم هو الله لمكان هذه الآية (٦).
وعن أنس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من قرأ سورة الحشر غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر» (٧).
وعن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ خواتيم سورة الحشر في ليل أو نهار ، فقبضه الله في تلك اللّيلة أو ذلك اليوم فقد أوجب الله له الجنّة» (٨).
تمّ الجزء الثّامن عشر ، ويليه الجزء التّاسع عشر
وأوّله : تفسير سورة الممتحنة
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٠٠.
(٢) ينظر : المشكل ٢ / ٧٢٧.
(٣) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٥٦.
(٤) ينظر : القرطبي ١٨ / ٣٢.
(٥) ذكره الحافظ ابن حجر في «تخريج الكشاف» (٤ / ٥١٠) ، وقال : أخرجه الثعلبي من رواية علي بن رزيق عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة.
وفي الواحدي من حديث ابن عباس رفعه بلفظ : اسم الله الأعظم في ست آيات من آخر سورة الحشر.
(٦) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ٣٣).
(٧) ذكره الحافظ في «تخريج الكشاف» (٤ / ٥١٠) ، وعزاه إلى الثعلبي من طريق يزيد بن أبان عن أنس به.
(٨) أخرجه ابن عدي في «الكامل» (٣ / ١١٦٤) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٢ / ٤٩٢) ، رقم (٢٥٠١) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (١٢ / ٤٤٤) ، من طريق سليم بن عثمان التوزي عن محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة مرفوعا وقال البيهقي: تفرد به سليم بن عثمان عن محمد بن زياد.
قلت وهو ضعيف متهم. قال ابن عدي : روى عن محمد بن زياد مناكير. وقال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (٤ / ٢١٦) : عنده عجائب وهو مجهول وذكره الذهبي في «المغني» (١ / ٢٨٤) ، وقال : متهم واه.