لكنه سبحانه منزّه عن التكبر الذي هو حاصل للخلق ؛ لأنهم ناقصون بحسب ذواتهم ، فادعاؤهم الكبر يكون ضم نقصان الكذب إلى النقصان الذاتي ، وأما الله ـ سبحانه وتعالى ـ فله العلو والعزّ ، فإذا أظهره كان ذلك ضمّ كمال إلى كمال ، فسبحان الله عمّا يشركون في إثبات صفة المتكبريّة للخلق.
قوله : (هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ).
«الخالق» هنا المقدر ، و «البارىء» المنشىء المخترع ، وقدم ذكر الخالق على البارىء ؛ لأن الإرادة مقدمة على تأثير القدرة (١).
قوله : (الْمُصَوِّرُ).
العامة : على كسر الواو ورفع الراء ، إما صفة وإما خبر.
وقرأ أمير المؤمنين (٢) علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ والحسن بن السميفع ، وحاطب بن أبي بلتعة : بفتح الواو ونصب الراء. وتخريجها على أن يكون منصوبا ب «البارىء».
و «المصوّر» هو الإنسان إما آدم ، وإما هو وبنوه.
وعلى هذه القراءة يحرم الوقف على المصور ، بل يجب الوصل ليظهر النّصب في الراء ، وإلا فقد يتوهم منه في الوقف ما لا يجوز (٣).
وروي عن أمير المؤمنين أيضا : فتح الواو وجرّ الراء ، وهي كالأولى في المعنى إلا أنه أضاف اسم الفاعل لمعموله مخففا نحو : «الضارب الرجل».
والوقف على «المصوّر» في هذه القراءة أيضا حرام ، وقد نبّه عليه بعضهم.
وقال مكي (٤) : «ويجوز نصبه في الكلام ، ولا بد من فتح الواو فتنصبه ب «البارىء» ، أي : هو الله الخالق المصور ، يعني : آدم ـ عليه الصلاة والسلام ـ وبنيه». انتهى. وكأنه لم يطلع على هذه القراءة.
وقال أيضا : «ولا يجوز نصبه مع كسر الواو ، ويروى عن علي رضي الله عنه».
يعني أنه إذا كسرت الواو ، وكان من صفات الله تعالى ، وحينئذ لا يستقيم نصبه عنده ؛ لأن نصبه باسم الفاعل قبله.
وقوله : «ويروى» أي : كسر الواو ونصب الراء ، وإذا صح هذا عن أمير المؤمنين ،
__________________
(١) ينظر : التفسير الكبير ٢٩ / ٢٥٦.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٩٢ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٤٩ ، والدر المصون ٦ / ٣٠٠ ، والقرطبي ١٨ / ٣٢.
(٣) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٠٠.
(٤) ينظر : المشكل ٢ / ٧٢٧.