وفيه نظر ، أمّا أوّلاً : فلأنّ القول المزبور الذي صار إليه ظاهره الاكتفاء بظاهر الإسلام من دون اشتراط أن يعرف منه الخبر ، بل يكتفى بشهادة المسلم الغير المعروف منه ذلك أصلاً ، وصريح الخبرين اشتراطه.
وثانياً : أنّ ظاهرهما الاكتفاء بالإسلام بالمعنى الأعمّ ، لا اشتراط المرادف للخاص ، ولعلّه لم يقل به النهاية ومن تبعه من الجماعة ، وإن أوهمت عبارته ذلك في المسألة ، إلاّ أنّ عبارته في بحث الشهادة (١) صريحة في اعتبار الإيمان البتّة ، مع تصريحه في التهذيب (٢) بكفر الفرَق المخالفة للإمامية ، فكيف يستدل له بأمثال المعتبرة.
وثالثاً : أنّ المتبادر من الخير والصلاح في الخبرين ما يعم الاعتقاد وزائداً عليه بالبديهة ، وليس المراد منهما مصداقهما ولو في الجملة ، كما أفصح عنه عبارته المتقدّمة ، كيف لا؟! وهو مخالف للإجماع والضرورة ؛ لاشتمالهما على ذلك التقدير على قبول شهادة الفاسق البتّة ؛ إذ ليس من فاسق إلاّ ويوجد فيه خير ما ، أو صلاح من جهة ولو في الجملة ، ولم يقل بذلك أحد ، حتى هذا القائل والنهاية وغيره من الجماعة ؛ لاتفاقهم على اشتراط عدم ظهور الفسق البتّة ، ودلّت عليه مع ذلك النصوص المستفيضة ، ومثل ذلك أوضح شاهد وأفصح قرينة على إرادة معنى خاصّ من الخير والصلاح ، وليس بعد انتفاء إرادة مطلقهما إلاّ ما عليه الجماعة من الإيمان وحسن الظاهر ، أو الملكة ، هذا.
مع أنّ المعتبرة مستفيضة ، بل كادت تكون متواترة ، بأنّه ليس في المخالف خير أصلاً وصلاح بالمرّة ، وإن اشتغلوا بالعبادات الموظّفة وراعوا
__________________
(١) النهاية : ٣٢٥.
(٢) التهذيب ١ : ٣٣٥.