لكلّ من المتعاوضين الامتناع من التسليم إلى أن يسلّم إليه الآخر مطلقاً ، وغاية الإعسار المنع من المطالبة ، وهو لا يقتضي وجوب التسليم إليه قبل قبض العوض ، فالقول بأنّ ليس لها الامتناع حينئذٍ لمنع مطالبته كما عن الحلّي (١) ضعيف ، كذا قالوه.
وهو جيّد إن تمّ ما ادّعوه من الدليل على أنّ لها الامتناع ، وهو كون النكاح في معنى المعاوضة ، لكنّه محلّ تأمّل ، كيف لا؟! ولم يقم عليه بحيث يشمل المقام دليل ، بل على تقديم قيام الدلالة عليه ربما منع ممّا ادّعوه من حكمها.
فإذاً المصير إلى ما قاله الحلّي لا يخلو عن قوّة ، وفاقاً لجماعة (٢) ؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل المدلول عليه بالأدلّة القطعيّة الدالّة على وجوب إطاعة الزوج على الزوجة على القدر المتّفق عليه ، وهو ما قدّمناه.
لكن الظاهر انعقاد الإجماع هنا حتى من الحلّي ؛ لاعتذاره في المخالفة بما ينبئ عن الموافقة لهم في الأصل المتقدّم من أنّها معاوضة يترتّب عليها الحكم السالف ، وأنّ الداعي له عليها هو ما ذكره من الدلالة المردودة بما ذكره الجماعة ، فالمصير إلى ما ذكروه أقوى.
واحترزنا بالحالّ عمّا لو كان مؤجّلاً ، فإنّ تمكينها لا يتوقّف على قبضه إجماعاً كما حكاه جماعة (٣) إذ لا يجب لها حينئذٍ شيء ، فيبقى وجوب حقّه عليها بغير معارض.
ولو أقدمت على فعل المحرّم وامتنعت به أو بعذر شرعي كالمرض
__________________
(١) السرائر ٢ : ٥٩١.
(٢) منهم صاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٤١٤ ، وصاحب الكفاية : ١٨٠.
(٣) المهذب البارع ٣ : ٤١٦ ، انظر الكفاية : ١٨٠.